صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. وتقدم الكلام على هذا فى "باب صلاة العيد"
(قوله نهى عن صيام هذين اليومين) يعنى عيد الفطر وعيد الأضحى. وأشار إليهما بهذين تغليبا للحاضر على الغائب فإن الحاضر يشار إليه بهذا والغائب يشار إليه بذاك
(قوله أما يوم الأضحى فتأكلون من لحم نسككم) أى من أضاحيكم التى تتقربون إلى الله تعالى بذبحها فى هذا اليوم. وهذا بيان لعلة النهى عن صوم يوم الأضحى, لأنه لو شرع فيه الصوم لم يكن لمشروعية الذبح فيه فائدة، ولأن فى صيامه الإعراض عن ضيافة الله تعالى
(قوله وأما يوم الفطر ففطركم من صيامكم) أى ففيه فطركم من صيام رمضان. وفى رواية الترمذى "أما يوم الفطر ففطركم من صومكم وعيد المسلمين" وهو بيان لعلة النهى عن صيام يوم الفطر. وأيضا ففى الفطر فصل صوم الفرض عن النفل وإظهار إتمام رمضان، ولو صامه لاتصل الفرض بالتطوع فيشكل (وفى الحديث) دليل على تحريم صوم يومى العيد سواء النذر والكفارة والتطوع والقضاء. وهو مجمع عليه للأحاديث الصحيحة الواردة فى النهى عن ذلك. وإن نذر صوم هذين اليومين لم ينعقد نذره ولا شئ عليه عند أكثر أهل العلم لقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: لا نذر فى معصية، وكفارته كفارة يمين. رواه أحمد وأصحاب السنن. وعن حكيم بن أبى مرة أنه سمع رجلا يسأل عبد الله بن عمر عن رجل نذر ألا يأتى عليه يوم سماه إلا وهو صائم فيه فوافق ذلك يوم الأضحى أو يوم فطر فقال ابن عمر {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} لم يكن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصوم يوم الأضحى ولا يوم الفطر ولا يأمر بصيامهما. رواه البخارى والبيهقى (قال الخطابى) قوله أمّا يوم الفطر الخ يدل على أن من نذر صوم ذلك اليوم لم يلزمه صيامه ولا قضاؤه, لأن هذا كالتعليل لوجوب الإفطار فيه. وقد وسم هذا اليوم بيوم الفطر. والفطر مضاد للصوم، ففى إجازة صومه إبطال لمعنى اسمه اهـ (وقال أبو حنيفة) ينعقد نذره ويقضيه فى يوم آخر لأنه نذر صوما مشروعا. والنهى لغيره وهو ترك إجابة دعوة الله تعالى فيصح نذره، لكنه يفطر احترازا عن المعصية ثم يقضى إسقاطا للواجب، وإن صامه يخرج عن العهدة, لأنه أداه كما التزمه. ومنشأ الخلاف أن النهى هل يقتضى فساد المنهى عنه؟ فقال الأكثر يقتضى فساده. وقال أبو حنيفة وأصحابه والرازى لا يقتضى الفساد، ولا ينفى مشروعية الأصل. ونسبه صاحب المحصول إلى أكثر الفقهاء. ويؤيده ما رواه البخارى من حديث زياد بن جبير قال: جاء رجل إلى ابن عمر رضى الله عنهما فقال: رجل نذر صوم يوم الاثنين فوافق يوم عيد. فقال ابن عمر أمر الله بوفاء النذر ونهى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن صوم هذا اليوم اهـ فقد عرض ابن عمر للسائل بأن الاحتياط القضاء جمعا بين أمر الله بوفاء النذر وبين أمر النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بترك صوم يوم العيد (هذا) ولو نذر صوم يوم معين فوافق يوم العيد فلا يحل صومه إجماعا