للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا رسول الله إنى أعتقت وليدتى؟ قال أو فعلت؟ قالت نعم

(قوله أجرك الله) أى أثابك الله على هذا العمل. وأجر بالقصر من بابي قتل وضرب ويقال آجر بالمد

(قوله أما أنك) بفتح الهمزة وتخفيف الميم وهو هنا بمعني حقًا. وكلمة أن مفتوحة الهمزة بخلاف أما الاستفتاحية فهمزة إن تكسر بعدها كما تكسر بعد ألا الاستفتاحية

(قوله لو كنت أعطيتها أخوالك) وفى بعض النسخ زيادة ياء مثناه بعد التاء قال عياض ولعلها للإشباع. وأخوالها كانوا من بني هلال. وفي رواية الأصيلي أخواتك يالتاء، قال عياض ولعله أصح من رواية أخوالك بدليل رواية مالك فى الموطإ فلو أعطيتها أختيك، وقال النووي الجميع ولا تعارض ويكون النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال ذلك كله

(قوله كان أعظم لأجرك) أى لأن في إعطائها إياهم صدقة وصلة. وفيه دليل عل أن الهبة لذى الرحم أفضل من العتق. ويؤيده ما رواه الترمذى والنسائى وأحمد من حديث سلمان بن عامر الضبى مرفوعا "الصدقة على المسكين صدقة وعلي ذى الرحم صدقة وصلة" ورواه أيضًا ابن خزيمة وابن حبان وصححاه. ومحل كون الهبة الى ذى الرحم أفضل من العتق إذا كان ذو الرحم فقيرًا لا مطلقًا لما فى رواية النسائى قال: أفلا فديت بها بنت أخيك من رعاية الغنم؟ فبين صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الوجه فى الأولوية وهو احتياج قرابتها الى من يخدمهم. وإن لم يكن محتاجا كان العتق أفضل لما رواه ابن ماجه والترمذى عن أبى هريرة مرفوعا "من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله له بكل عضو منها عضوًا منه من النار حتى فرجه بفرجه، وقيل إن حديث الباب واقعة عين فلا يحتج به علي أن صلة الرحم أفضل من العتق. والحق أنه ليست واقعة عين لأن الأصل عدم الخصوصية، وأن ذلك يختلف باختلاف الأحوال كما علمت

(فقه الحديث) دل الحديث على جواز تبرع المرأة من مالها من غير إذن زوجها "وأما" ما أخرجه النسائى وسيأتى للمصنف فى "باب عطية المرأة بغير إذن زوجها" من كتاب الهبة من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لا يجوز لامرأة هبة فى مالها إذا ملك زوجها عصمتها "فهو ضعيف" بعمرو بن شعيب فلا يقاوم حديث الباب، وعلى فرض صحته فهو محمول على الأدب وحسن العشرة. وقد نقل عن الشافعى أنه قال: الحديث ليس بثابت وكيف نقول به والقرآن يدلّ على خلافه ثم السنة ثم الأثر ثم المعقول اهـ وقال البيهقى إسناد هذا الحديث إلى عمرو بن شعيب صحيح. فمن أثبت عمرو بن شعيب لزمه إثبات هذا إلا أن الأحاديث المعارضة له أصح إسنادًا، وفيها وفى الآيات دلالة على نفوذ تصرّفها فى مالها بدون إذن الزوج، فيكون حديث عمرو بن شعيب محمولا على الأدب والاختيار اهـ ودلّ الحديث على فضيلة صلة الأرحام والإحسان إلى الأقارب. وعلى أنه أفضل من العتق، وقد علمت ما فيه. وعلى الاعتناء بأقارب الأم إكراما لحقها وزيادة فى برها

<<  <  ج: ص:  >  >>