خصت الأرض لأنها لا تكاد تفقد فهى أحق ما يرفع الحرج ولأنها مطهرة لبعض الأشياء كالخفّ والسيف بدلا عن الغسل بالماء ولأن فيه تذللا بتعفير الوجه بالتراب وهو يناسب العفو اهـ
(قوله ثم مسحوا وجوههم مسحة واحدة) أى مع الاستيعاب وقد أجمعوا على أن المسح في التيمم لا يتكرّر
(قوله فسحوا بأيديهم الخ) جمع يد وهي من المنكب إلى أطراف الأصابع. والمناكب جمع منكب بفتح فسكون فكسر وهو مجمع عظم العضد والكتف. والآباط بمدّ الهمزة المفتوحة جمع إبط بكسر الهمزة وسكون الموحدة يذكر ويؤنث وهو ما تحت المنكب
(قوله من بطون أيديهم) أى ببطون أكفهم فمن بمعنى الباء والمراد بالأيدى الأكفّ تسمية للجزء باسم الكل. ويحتمل أن من للابتداء أى ابتدءوا المسح من بطون الأيدى لا من ظهورها اجتهادا من عمار وأصحابه قبل بيان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كيفية التيمم ولما بين لهم عملوا على مقتضاه كما يؤخذ من الحديث الآتى (وفي هذا) الحديث دليل على أن التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة للذراعين وهو مذهب الأكثرين. وبه قال أبو حنيفة والشافعى والثورى وعلى بن أبى طالب وعبد الله بن عمر وهو رواية عن مالك. ومن أدلتهم أيضا حديث جابر مرفوعا "التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين" رواه الحاكم والدارقطنى وقال رجاله ثقات والصواب وقفه اهـ. (وذهبت) طائفة إلى أن الواجب ضربة واحدة للوجه والكفين منهم عطاء ومكحول وداود والأوزاعي والطبرى وأحمد وإسحاق بن راهويه وابن المنذر وعامة أصحاب الحديث وهى رواية عن مالك والزهرى واستدلوا بما يأتى عن عمار بن ياسر قال سألت النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن التيمم فأمرني ضربة واحدة للوجه والكفين والمشهور عند المالكية أن الضربة الأولى فرض والثانية سنة (وعن) ابن سيرين وابن المسيب لا يجزئه أقل من ثلاث ضربات ضربة للوجه وضربة ثانية لكفيه وثالثة لذراعيه. ولم يوقف لهما على ما يفيد الوجوب بل قال الإمام يحيى إنه لا دليل يدلّ على ندبية التثليث في التيمم (وحكى) عن الزهرى أنه قال بوجوب مسح اليدين إلى الإبطين أخذا بظاهر هذا الحديث (وردّ) بأن عمارا ومن معه أجروا اسم اليد على ظاهرها من أنها من رءوس الأنامل إلى الإبط ولم يكن عندهم دليل الخصوص فأجروا الحكم على ظاهره. ولكن قام دليل الإجماع على إسقاط ما وراء المرفقين وما دونهما بقى على الأصل لاقتضاء الاسم إياه. ويؤيده أن التيمم بدل عن الوضوء والبدل لا يخالف المبدل عنه وبأن الشافعى قال في رواية المسح إلى الآباط إن كان ذلك وقع بأمر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فكل تيمم صح له بعد ذلك فهو ناسخ وإن كان وقع بغير أمره فالحجة فيما أمر به اهـ (وقال) الخطابي لم يختلف أحد من أهل العلم أنه لا يلزم المتيمم أن يمسح ما وراء المرفقين اهـ (وقال) الطحاوى في شرح معانى الآثار بسنده إلى عمار قال كنت مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى