للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعشرين بدريًا كلهم يقنت في الصبح بعد الركوع. قال الحافظ إسناده ضعيف اهـ.

وحديث عاصم الذي استدلوا به تفرد به عن أنس، وسائر الرواة عن أنس خالفوه.

قال الأثرم قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل أيقول أحد في حديث أنس إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قنت قبل الركوع غير عاصم الأحول؟ فقال ما علمت أحدًا يقوله غيره وخالفهم عاصم كلهم: هشام عن قتادة والتيمى عن أبي مجلز وأيوب عن محمَّد وحنظلة السدوسي كلهم عن أنس عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنه قنت بعد الركوع.

وقال في الهدى أحاديث أنس كلها صحاح يصدق بعضها بعضًا ولا تتناقض. والقنوت الذي ذكره قبل الركوع غير الذي ذكره بعده والذي وقته غير الذي أطلقه. فالذي ذكره قبل الركوع هو إطالة القيام للقراءة الذي قال فيه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أفضل الصلاة طول القنوت. والذي ذكره بعده هو إطالة القيام للدعاء ففعله شهرًا يدعو على قوم ويدعو لقوم ثم استمر يطيل هذا الركن للدعاء والثناء إلى أن فارق الدنيا كما في الصحيحين عن ثابت عن أنس قال إني لا أزال أصلي بكم كما كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصلي بنا، قال وكان أنس يصنع شيئًا لا أراكم تصنعونه: كان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائمًا حتى يقول القائل قد نسي وإذا رفع رأسه من السجدة يمكث حتى يقول القائل قد نسي. فهذا هو القنوت الذي ما زال عليه حتى فارق الدنيا. ومعلوم أنه لم يكن يسكت في مثل هذا الوقوف الطويل بل كان يثني على ربه ويمجده ويدعوه. وهذا غير القنوت الموقت بشهر فإن ذلك دعاء على رعل وذكران وعصية وبني لحيان ودعاء للمستضعفين الذين كانوا بمكة. وأما تخصيص هذا بالفجر فبحسب سؤال السائل فإنما سأله عن قنوت الفجر فأجابه عما سأله عنه. وأيضًا فإنه كان يطيل صلاة الفجر دون سائر الصلوات ويقرأ فيها بالستين إلى المائة، وكان كما قال البراء بن عازب ركوعه واعتداله وسجوده وقيامه متقاربة، وكان يظهر من تطويله بعد الركوع في صلاة الفجر ما لا يظهر في سائر الصلوات بذلك، ومعلوم أنه كان يدعو ربه ويثني عليه ويمجده في هذا الاعتدال كما تقدمت الأحاديث بذلك. وهذا قنوت منه لا ريب. فنحن لم نشك ولا نرتاب أنه لم يزل يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا.

ولما صار القنوت في لسان الفقهاء وأكثر الناس هو هذا الدعاء المعروف: اللهم أهدني فيمن هديت الخ وسمعوا أنه لم يزل يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا وكذا الخلفاء الراشدون وغيرهم من الصحابة حملوا القنوت في لفظ الصحابة على القنوت في اصطلاحهم، ونشأ من لا يعرف غير ذلك فلم يشك أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأصحابه كانوا مداومين عليه كل غداة. وهذا هو الذي نازعهم فيه جمهور العلماء وقالوا لم يكن هذا من فعله الراتب بل ولا يثبت عنه أن فعله، وغاية ما روي عنه في هذا القنوت أنه علمه

<<  <  ج: ص:  >  >>