للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفسد الاعتكاف إن كان عمدا. وإن كان عن نسيان فكذلك عند أبي حنيفة ومالك وأحمد. وقال الشافعى لا يفسد لأنه لا يفسد الصوم فكذلك لا يفسد الاعتكاف. وإذا فسد اعتكافه لزمه القضاء إن كان واجبا ولا كفارة عليه، وهو قول عطاء والنخعى وأهل المدينة ومالك وأهل العراق والثورى والأوزاعى ومشهور مذهب أحمد. وذهب الزهرى والحسن إلى أن من أفسد اعتكافه بالوطء يلزمه كفارة ظهار. قال في المغنى: وهو اختيار القاضى ورواية عن أحمد اهـ

(قوله ولا يخرج لحاجة إلا ما لا بد منه) كالغائط والبول وتقدم بيانه

(قوله ولا اعتكاف إلا بصوم) فيه اشتراط الصوم في الاعتكاف. وبه قال مالك سواء أكان الاعتكاف واجبا أم لا ويدل له أيضا ما في الحديث الآتى أن عمر نذر أن يعتكف في الجاهلية فقال له النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: اعتكف وصم. ولم يرو عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن اعتكف بلا صوم. وهو قول ابن عمر وابن عباس وعائشة والزهرى والليث والثورى والحسن بن حيى ورواية عن أحمد. وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن كان الاعتكاف منذورا كان الصوم ركنا فيه وإلا فلا. وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أن الصوم شرط في الاعتكاف مطلقا لإطلاق حديث الباب. واختاره ابن الهمام كما تقدّم، وقال الشافعى وأحمد ليس الصوم شرطا فى الاعتكاف إلا إن نذر الصوم فيه. واستدلا بما رواه الشيخان أن عمر قال يا رسول الله: إنى نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام. فقال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: أوف بنذرك ولو كان الصوم شرطا فيه لما صح اعتكاف الليل، لأنه لا صيام فيه. وبما رواه الدارقطنى والحاكم عن ابن عباس أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه. ولأنه عبادة تصح بالليل فلا يشترط له الصيام كالصلاة. ولأن إيجاب الصوم حكم لا يثبت إلا بالشرع، ولم يصح فيه نص ولا إجماع. وبصحة الاعتكاف بدون صوم قال على وابن مسعود وسعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز والحسن وعطاء وطاوس وإسحاق. قال في سبل السلام: أما اشتراط الصوم في الاعتكاف ففيه خلاف. وهذا الحديث الموقوف "يعنى حديث الباب" دل على اشتراطه وفيه أحاديث (منها) في نفي شرطيته (ومنها) في إثباته والكل لا ينهض حجة. إلا أن الاعتكاف عرف من فعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولم يعتكف إلا صائما، واعتكافه في العشر الأول من شوال. الظاهر أنه صامها ولم يعتكف إلا من ثانى شوال لأن يوم العيد يوم شغله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالصلاة والخطبة والخروج إلى الجبانة. إلا أنه لا يقوم بمجرد الفعل حجة على الاشتراط اهـ والجبانة المصلى في الصحراء. وقد تطلق على المقبرة. وغرضه تقوية عدم اشتراط الصوم في الاعتكاف. وهو الأولى وحديث عمر الآتى ضعيف لأنه تفرد به عبد الله بن بديل وفيه مقال. وقال النيسابورى حديث منكر. والنفى فى

<<  <  ج: ص:  >  >>