للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونسب الفعل إلى الله تعالى لأنّ العبد لم يكن له فيه اختيار لنسيانه، فلا يعدّ فعله جناية على صومه بخلاف ما إذا كان الفعل باختيار العبد، فإنّ الفعل ينسب إليه ظاهرا، وإلا فجميع الأفعال في الحقيقة من الله تعالى (وبظاهر الحديث) أخذ أبو حنيفة والشافعى والحسن البصرى ومجاهد والأوزاعى وأبو ثور وعطاء وطاوس وابن أبي ذئب. فقالوا: من أكل أو شرب أو ارتكب أى مفطر ناسيا لا يفسد صومه ولا يلزمه شئ، وهو قول أبي هريرة وابن عمر وعلىّ: وقال أحمد يجب القضاء والكفارة بالجماع ناسيا ولا شئ في الأكل والشرب، وهو قول لعطاء وابن الماجشون. واستدلوا بأنّ النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمر الذى واقع امرأته في رمضان بالكفارة ولم يسأله أوقع عليها عمدا أم سهوا، ولو كان هناك فرق في الحكم لاستفسر منه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ورد بأن قوله في الحديث هلكت يدل على أنه واقع عمدا، وكذا قول في رواية البخارى "احترقت" وفي رواية سعيد بن منصور "تب واستغفر" فإنّ ذلك كله يدلّ على أنه واقع عمدا، ولا سيما التوبة والاستغفار فإنهما لا يكونان إلا عن عمد "وقولهم" يجوز أن يخير عن هلكته لما يعتقده من فساد الصوم بالجماع ناسيا "غير مسلم" وقولهم إنّ الصوم عبادة تحرم الجماع فاستوى فيها عمده وسهوه "غير مسلم أيضا" فإنّ ذلك تحكم لأنّ الصوم يحرم الأكل والشرب أيضا فيستوى فيه عمده وسهوه. وهم لا يقولون به فلا وجه للتفرقة بينهما (وقال مالك) وربيعة بن أبي عبد الرحمن من أكل أو شرب ناسيا أو تعاطى أى مفطر، فعليه القضاء دون الكفارة لفساد صومه قياسا للصوم على الصلاة فكما أن ترك ركعة من الصلاة نسيانا يفسدها كذلك ترك ركن من الصوم وهو الإمساك عن المفطر يفسده (وأجابوا) عن حديث الباب ونحوه بأنه خبر واحد مخالف للقاعدة. وهو اعتذار باطل. والحديث قاعدة مستقلة في الصيام "واعتذار" ابن دقيق العيد عن الحديث بأن الصوم قد فات ركنه وهو من باب المأمورات. والقاعدة أن النسيان لا يؤثر في المأمورات "يجاب عنه" بأن غاية هذه القاعدة أن تكون بمنزلة الدليل فيكون الحديث مخصصا لها. وأما قوله "أطعمك الله وسقاك" فهو كناية عن عدم الإثم لأن الفعل إذا كان من الله انتفى الإثم (وأجاب) بعضهم عن الحديث بأنه محمول على صيام التطوع. لكنه مردود بما في رواية الدارقطنى من طريق محمد بن مرزوق البصرى قال: ثنا محمد بن عبد الله الأنصارى ثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال. من أفطر في شهر رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة، قال الدارقطنى تفرّد به محمد بن مرزوق وهو ثقة عن الأنصارى اهـ فقد صرح في الحديث بأن الفطر كان في رمضان وقول الدارقطنى تفرّد به محمد بن مرزوق غير مسلم. فقد أخرجه الحاكم والبيهقي أيضا من طريق أبي حاتم محمد بن إدريس قال: ثنا حمد بن عبد الله الأنصارى ثنا حمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنّ النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله

<<  <  ج: ص:  >  >>