للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنميمة قال أبو موسى هذا وإن كان ليس بقويّ لكن معناه صحيح لأنهما لو كانا مسلمين لما كان لشفاعته إلى أن تيبس الجريدتان معنى ولكنه لما رآهما يعذبان لم يستجز للطفه وعطفه حرمانهما من إحسانه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فشفع لهما إلى المدّة المذكورة لكن الحديث ضعيف وقد رواه أحمد بسند صحيح على شرط مسلم وليس فيه سبب التعذيب فهو من تخليط ابن لهيعة، وجزم ابن العطار في شرح العمدة بأنهما كانا مسلمين وهو الظاهر من مجموع طرق حديث الباب ففى رواية ابن ماجه مرّ بقبرين جديدين، فانتفى كونهما في الجاهلية، وفى حديث أبى أمامة عند أحمد أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مرّ بالبقيع فقال من دفنتم اليوم ها هنا، فهذا يدل على أنهما كانا مسلمين لأن البقيع مقبرة المسلمين والخطاب لهم لجريان العادة بأن كل فريق يتولاه من هو منهم اهـ بتصرف

(قوله ما لم ييبسا) ما مصدريّة زمانية وييبس يجف يقال يبس ييبس من باب تعب وفى لغة بالكسر فيهما إذا جف بعد رطوبته فهو يابس وشئ يبس ساكن الباء بمعنى يابس والمعنى يخفف عنهما العذاب مدّة عدم يبس العسيب، وفى رواية للبخارى ما لم تيبسا بالمثناة الفوقية أى الشقتان، قال في الفتح قال المازرى يحتمل أن يكون أوحى إليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن العذاب يخفف عنهما هذه المدة اهـ وعلى هذا فلعل هنا للتعليل اهـ ووضع العسيب على القبر إما لأنه عليه وعلى آله الصلاة والسلام سأل الشفاعة للقبرين فأجيب إليها كما في رواية مسلم عن جابر قال فأجيبت شفاعتى أن يرفعا عنهما ما دام الغصنان رطبين. وإما لأنه عليه وعلى آله الصلاة والسلام يدعو لهما تلك المدّة. وقيل لكونهما يسبحان ما داما رطبين وليس لليابس تسبيح قالوا في قوله تعالى (وإن من شئ إلا يسبح بجمده) معناه وإن من شئ حىّ، وحياة كل شئ بحسبه فحياة الخشب ما لم ييبس والحجر ما لم يقطع، وذهب المحققون إلى أن الآية على عمومها. ثم اختلفوا في الجمادات والحيوانات العجم. فذهب الجمهور إلى أنها تسبح حقيقة لمجئ النص به والعقل لا يحيل جعل التمييز فيها فيترجح المصير إليه عملا بظاهر الآية مع عدم المقتضى للعدول عنه. وقيل إنها تسبح بلسان الحال فهى دالة على أن لها صانعا متصفا بالكمالات منزّها عن النقائص فكان ذلك تسبيحا لها، وعلى هذا فليس التقييد بالرطب لمعنى يخصه ليس في اليابس بل التخفيف لدعاء النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم به فكأنه عليه وعلى آله الصلاة والسلام جعل مدة بقاء النداوة فيهما حدّا لما وقع له الدعاء من تخفيف العذاب عنهما

(قوله قال هناد) هو أحد شيخى المؤلف

(قوله يستتر مكان يستنزه) قد سبق ذكر هذه الرواية وتفسيرها وأن المراد بالروايتين واحد

(فقه الحديث) دل الحديث على أن عذاب القبر حق يجب الإيمان به وهو مذهب أهل السنة والجماعة والمحققين من المعتزلة فقد قال القاضى عبد الجبار رئيس المعتزلة في كتاب الطبقات

<<  <  ج: ص:  >  >>