للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَالأُكْلَةُ وَالأُكْلَتَانِ وَلَكِنَّ الْمِسْكِينَ الَّذِي لاَ يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئًا وَلاَ يَفْطِنُونَ بِهِ فَيُعْطُونَهُ".

(ش) (جرير) بن عبد الحميد. و (الأعمش) سليمان بن مهران. و (أبو صالح) ذكران الزيات

(قوله ليس المسكين) مأخوذ من السكون لسكونه إلى الناس. ويستوي فيه المذكر والمؤنث يقال رجل مسكين وامرأة مسكين ويقال مسكينة. والمراد به من لا مال له:

وقد اختلف في المسكين والفقير شرعًا. فقال أبو حنيفة: الفقير من له أقلّ من النصاب، أو قدر نصاب غير نام أو مشغول بحاجته الأصليه كالملبس والمسكن. والمسكين من لا شيء له أصلًا فهو أسوأ حالًا من الفقير ولذا يحل له السؤال لقوته أو ما يواري جسده بخلاف الفقير. وكذا قال مالك في المسكين. وقال الفقير هو الذي يملك شيئًا لا يكفيه عامه وإن كان نصابًا.

وقالت الشافعية الفقير من لا مال له أصلًا ولا كسب أوله مال فقط لا يكفيه هو ومن تلزمه نفقته العمر الغالب وهو ستون سنة ولا يقع موقعًا من كفايته بحيث لو وزع المال الذي نحده علي العمر الغالب لم يبلغ نصف كفايته كأن يحتاج إلى عشرة ولو وزع المال الذي عنده على العمر الغالب لخصّ كل يوم أربعة أو أقل، ولو كان يملك نصابًا أو أكثر فيعطى زكاته مع كونه يأخذ زكاة غيره أوله كسب فقط لا يقع موقعًا من كفايته كل يوم كمن يحتاج كل يوم إلى عشرة ويكتسب كل يوم أربعة فأقل أوله مال وكسب لا يقع مجموعها موقعًا من كفايته كذلك. والمسكين من له مال أو كسب يقع كل منهما أو مجموعهما موقعًا من كفايته ولا يكفيه بأن كان يحتاج كل يوم في كفايته إلى عشرة دراهم وعنده من الكسب أو المال أو مجموعهما ما يبلغ خمسة فأكثر. فالفقير عندهم أسوأ حالًا من المسكين. قالوا لأن الله ابتدأ في آية الزكاة بالفقراء والعرب تبدأ بالأهم فالأهمّ ولأن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: اللهم أحيني وأمتني مسكينًا. رواه الترمذي والبيهقي وابن ماجه بأسانيد ضعيفة: وكان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يتعوذ من الفقر كما هو ثابت عن عائشة رضي الله تعالى عنها مرفوعًا في الصحيحين وقال تعالى (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ) فأخبر أن للمساكين سفينة يعملون فيها.

وقالت الحنابلة في الفقير والمسكين بما قالت به الشافعية من أن الفقير أسوأ حالًا من المسكين وقالوا: متى كان الشخص لا يملك خمسين درهما ولا قيمتها من الذهب وليس عنده ما تحصل به كفايته على الدوام من كسب أو تجارة أو أجر أو عقار أو نحو ذلك فله الأخذ من الزكاة. واستدلوا بما تقدم أول الباب للمصنف عن عبد الله بن مسعود مرفوعًا: من سأل وله ما يغنيه جاءت مسألته يوم القيامة خموشًا أو خدوشًا أو كدوحًا في وجهه فقيل يا رسول الله ما الغنى؟ قال خمسون درهما أو قيمتها من الذهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>