للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى آله وسلم على أمر بعد عصره، وفقهاء المذاهب الأربعة يحيلون الاجتهاد من بعد الأئمة الأربعة، وإن كان هذا قولًا باطلًا، وكلامًا لا يقوله إلا من كان للحقائق جاهلًا، فعلى زعمهم لا إجماع أبدًا من بعد الأئمة الأربعة، فلا يرد السؤال: فإن هذا الابتداع والفتنة بالقبور لم يكن علي عهد أئمة المذاهب الأربعة. وعلى ما نحققه فالإجماع وقوعه محال، فإن الأمة المحمدية قد ملأت الآفاق وصارت في كل أرض وتحت كل نجم، فعلماؤها المحققون لا ينحصرون ولا يتم لأحد معرفة أحوالهم، فمن ادعى الإجماع بعد انتشار الدين وكثرة علماء المسلمين فإنها دعوى كاذبة كما قاله أئمة التحقيق اهـ.

أما قراءة الزائر القرآن عند القبر فقال أبو حنيفة: تكره لأنه لم يصح فيها شيء عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم.

وقال محمَّد تستحب لورود الآثار وهو المذهب المختار كما صرحوا به في كتاب الاستحسان. قال في الدر المختار: ويقرأ عند زيارة القبر يس اهـ

قال محشيه ابن عابدين "قوله ويقرأ يس" لما ورد "من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف الله عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها حسنات" وفي شرح اللباب ويقرأ من القرآن ما تيسر له من الفاتحة وأول البقرة إلى المفلحون وآية الكرسي وآمن الرسول ويس وتبارك الملك وسورة التكاثر والإخلاص اثنتى عشرة مرة أو إحدى عشرة مرة أوسبعًا أو ثلاثًا ثم يقول: اللهم أوصل ثواب ما قرأناه إلى فلان أو إليهم اهـ.

وقالت الشافعية: يستحب للزائر أن يقرأ ما تيسر من القرآن. قال النووي في المجموع: ويستحب للزائر أن يسلم على المقابر ويدعو لمن يزوره ولجميع أهل المقبرة، ويستحب أن يقرأ من القرآن ما تيسر ويدعو لهم عقبها نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب،

وقالت الحنابلة لا بأس بالقراءة عند القبر. قال في المغني قد روي عن أحمد أنه قال: إذا دخلتم المقابر فاقرءوا آية الكرسي ثلاث مرار وقل هو الله أحد ثم قل: اللهم إن فضله لأهل المقابر.

وروي عنه أنه قال القراءة عند القبر بدعة، وروي ذلك عن هشيم، قال أبو بكر نقل ذلك عنه جماعة ثم رجع عنه: فروى جماعة أنه نهى ضريرًا أن يقرأ عند القبر وقال له إن القراءة عند القبر بدعة، فقال له محمَّد بن قدامة ما تقول في مبشر الحلبي؟ قال ثقة قال فأخبرني مبشر عن أبيه أنه أوصى إذا دفن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها. وقال سمعت ابن عمر يوصي بذلك قال أحمد فارجع فقل للرجل يقرأ.

وقال الخلال: حدثني أبو على الحسن بن الهيثم البزار شيخنا الثقة المأمون قال: رأيت أحمد بن حنبل يصلي خلف ضرير يقرأ على القبور وقد روى عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنه قال "من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف عنهم يومئذ، وكان له بعدد من فيها حسنات" وروي عنه عليه السلام "من زار قبر والديه فقرأ عنده أو عندهما يس غفر له" وأي قربة فعلت وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك إن شاء الله: أما الدعاء والاستغفار والصدقة وأداء الواجبات فلا أعلم فيها خلافًا إذا كانت الواجبات

<<  <  ج: ص:  >  >>