للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و (أبو سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف

(قوله صلى رسول الله على ابني بيضاء سهيل وأخيه) صفوان كما قاله أبو نعيم

(وفي هذا الحديث والذي قبله) دلالة على جواز الصلاة على الميت في المسجد وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق وابن حبيب من المالكية. وهو رواية عن مالك وحكاه ابن المنذر عن أبي بكر الصديق وعمر. وهو مذهب عائشة وسائر أزواج النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وكثير من الفقهاء.

مستدلين بحديثي الباب. وبما رواه سعيد بن منصور في سننه أنه صلى على أبي بكر في المسجد. وعن ابن عمر أنه صلى على عمر في المسجد. وبما رواه ابن أبي شيبة أن عمر صلى على أبي بكر في المسجد وأن صهيبًا صلى على عمر في المسجد وقال أبو حنيفة ومالك في المشهور عنه وابن أبي ذئب تكره الصلاة على الميت في المسجد واحتجوا بما في بعض نسخ المصنف من حديث أبي هريرة الآتي "من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له" وبأن المسجد بني لأداء المكتوبات وتوابعها من النوافل والذكر وتدريس العلم ولأنه يحتمل أنه إذا أدخل الميت المسجد أن يخرج منه ما يلوثه.

وأجابوا عن حديث عائشة بأن صلاته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على ابني بيضاء في المسجد كانت واقعة حال لا عموم لها لجواز أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان وقتئذ معتكفًا في المسجد، ويحتمل أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فعل ذلك لبيان الجواز فلا ينافي الكراهة، ولو كان ذلك سنة في كل ميت لكان مستقرًا عند الصحابة فلم ينكروا على عائشة أمرها بإدخال جنازة سعد بن أبي وقاص المسجد ولقالت في الحديث كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصلي على الجنائر في المسجد. وما كانت تخصص ابني بيضاء بالذكر.

وأجابوا عما روي من أنه صلي على أبي بكر وعمر في المسجد، بأنه لس صريحًا في أنهما كانا داخل المسجد لاحتمال أنهما كانا خارج المسجد وأن المصلين كانوا داخله. وعلى أنهما كانا داخل المسجد فيجوز أنهما أدخلا فيه ليصلى عليهما أزواج النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كما أدخل سعد لذلك.

والظاهر من الأدلة إباحة الصلاة على الجنازة في المسجد من غير كراهة لما علمته من صلاته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على ابني بيضاء في المسجد وصلاة الصحابة على أبي بكر وعمر كذلك، وأنها في غير المسجد أفضل لما تقدم من إنكار الصحابة رضي الله تعالى عنهم على عائشة أمرها بالصلاة على جنازة سعد في المسجد فلو كانت الصلاة على الجنازة فيه مشهورة لما أنكروا عليها فإنكارهم دليل على ندرة ذلك

(قال ابن رشد) إنكار الصحابة على عائشة يدل على أن المشتهر بينهم الصلاة على الجنازة خارج المسجد ويشهد لذلك بروزه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم للمصلى لصلاته على النجاشي اهـ ببعض تصرف.

(وقال في الهدى) كان من هديه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الإسراع بتجهيز الميت إلى الله وتطهيره وتنظيفه وتطييبه وتكفينه في الثياب البيض ثم يؤتى

<<  <  ج: ص:  >  >>