للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما كان هذا شأنه لا يشرب فتوهموا أن ما لا يشرب لا يتطهر به

(قوله هو الطهور ماؤه) بفتح الطاء أي الطاهر المطهر ماؤه. وذكر الماء يقتضى أن الضمير في قوله هو الطهور للبحر إذ لو أريد به الماء لما احتيج إلى قوله ماؤه إذ يصير المعنى الماء طهور ماؤه وهو فاسد، وفي لفظ للدارمى فإنه الطاهر ماؤه، ولم يقل في الجواب نعم مع حصول الغرض به ليقرن الحكم بعلته وهي الطهورية المتناهية في بابها ودفعا لتوهم حمل لفظ نعم على الجواز على سبيل الرخصة للضرورة ولما يفهم من الجواب بنعم من أنه إنما يتوضأ به فقط لأنه المسئول عنه، وفي إجابته بقوله الطهور ماؤه بيان أن الطهورية وصف لازم له غير قاصر على حالة الضرورة وغير خاص بحدث دون حدث بل يرفع كل حدث ويزيل كل خبث، وفي شرح العيني قوله هو الطهور ماؤه هو مبتدأ والطهور مبتدأ ثان وماؤه خبر المبتدأ الثاني والجملة خبر المبتدأ الأول، ويجوز كون ماؤه فاعلا للطهور ويكون الطهور مع فاعله خبرا للمبتدإ لأن الطهور صيغة مبالغة وهي كاسم الفاعل في العمل، وهذا التركيب فيه القصر لأن المبتدأ والخبر معرفتان وهو من طرق القصر وهو من قصر الصفة على الموصوف لأنه قصر الطهورية على ماء البحر وهو قصر ادّعائي قصد به المبالغة لعدم الاعتداد بغير المقصور عليه لا قصر حقيقى لأن الطهورية ليست بمقصورة على ماء البحر فقط، والظاهر أنه قصر تعيين لأن السائل كان متردّدا بين جواز الوضوء به وعدمه فعين له صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الجواز بقوله هو الطهور ماؤه اهـ بتصرّف، وفي النيل وتعريف الطهور باللام الجنسية المفيدة للحصر لا ينفي طهورية غيره من المياه لوقوع ذلك جوابا لسؤال من شك في طهورية ماء البحر من غير قصد للحصر اهـ

(قوله الحلّ) بكسر الحاء المهملة أى الحلال كما في رواية للدارمى والدارقطني من حلّ الشيء يحلّ بالكسر حلا خلاف حرم فهو حلال وحلّ أيضا فوصفه بكل منهما وصف بالمصدر

(قوله ميتته) بفتح الميم ما مات من حيوانه بلا ذكاة وترك العاطف لما بين الجملتين من المناسبة في الحكم والعطف يشعر بالمغايرة، وسألوه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن ماء البحر فأجابهم عن مائه وطعامه لعلمه أنه قد يعوزهم الزاد في البحر كما يعوزهم الماء فلما جمعتهما الحاجة انتظم الجواب بهما، وأيضا علم طهارة الماء مستفيض عند الخاصة والعامة وعلم ميتة البحر وكونها حلالا مشكل في الأصل، فلما رأى السائل جاهلا بأظهر الأمرين غير مستبين للحكم فيه علم أن أخفاهما أولى بالبيان، أو يقال إنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لما أعلمهم بطهارة ماء البحر وقد علم أن في البحر حيوانا قد يموت فيه والميتة نجس احتاج إلى أن يعلمهم أن حكم هذا النوع من الميتة خلاف حكم الميتات لئلا يتوهموا أن ماءه نجس بحلولها فيه. قال ابن العربي ومن محاسن الفتوى الإجابة بأكثر مما يسأل عنه تتميما للفائدة وإفادة لعلم آخر غير المسئول عنه ويتأكد ذلك عند ظهور الحاجة إلى الحكم كما هنا اهـ أما

<<  <  ج: ص:  >  >>