حال غضب إنسان أن يجتهد فى تسكين غضبه بقدر ما يستطيع مع الأدب. وعلى أنه ينبغى إرشاد الجاهل إلى ما هو الأولى له. وعلى كراهة صيام الدهر, وتقدم بيانه. وعلى جواز صيام ثلثى الدهر إن لم يحصل منه مشقة. وعلى الترغيب فى صيام يوم وفطر يوم. وعلى الترغيب فى صيام ثلاثة أيام من كل شهر, وهل هى الأيام البيض "الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر" كما جاء فى الأحاديث الصحيحة؟ أو من مطلق الأيام كما يأتى فى حديث عائشة, وعلى الترغيب فى صوم يوم عرفة وصوم يوم عاشوراء
(والحديث) أخرجه أيضا مسلم والنسائى وابن ماجه مختصرا ومطولا. وكذا البيهقى من طريق أبان بن يزيد قال ثنا غيلان بن جرير المعولى عن عبد الله بن معبد الزمانى عن أبى قتادة أنّ أعرابيا أتى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال له يا نبى الله. كيف صومك أو كيف تصوم؟ قال فسكت عنه النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فلم يرد عليه شيئا. فلما أن سكن عنه الغضب سأله عمر بن الخطاب فقال له يا نبى الله كيف صومك أو كيف تصوم؟ أرأيت من صام الدهر كله قال: لا صام ولا أفطر أو قال ما صام وما أفطر. قال يا رسول الله أرأيت من صام يومين وأفطر يوما؟ قال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ومن يطيق ذلك يا عمر؟ لوددت أنى فعلت ذلك. قال يا رسول الله أرأيت من صام يوما وأفطر يوما؟ قال ذاك صوم داود عليه السلام فقال يا نبى الله أرأيت من صام يوم عرفة؟ قال يكفر السنة والسنة التى قبلها. قال أرأيت من صام ثلاثا من الشهر؟ قال ذاك صوم الدهر, قال أرأيت من صام يوم عاشوراء؟ قال يكفر السنة قال يا رسول الله أرأيت من صام يوم الاثنين؟ قال ذاك يوم ولدت فيه ويوم أنزلت علىّ فيه النبوّة
(قوله زاد قال يا رسول الله الخ) أى زاد موسى بن إسماعيل فى روايته قال عمر يا رسول الله أرأيت صوم الاثنين والخميس؟ أى أخبرنى عن صيامهما. فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: فيه "أى فى يوم الاثنين" ولدت وفيه أنزل علىّ القرآن. ويوم هذا شأنه حقيق بأن يجتهد فيه فى الطاعة, وأن يقوم الإنسان فيه بشكر مولاه لما أولاه فيه من تمام النعمة التى هى مبدأ الكمال الصورىّ وطلوع الصبح المعنوىّ, فالضمير فى قوله فيه راجع إلى يوم الاثنين كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة. وذكر الخميس فى هذه الرواية وهم. ففى