خلف الإمام فحسبه قراءة الإمام (وذهب) مالك وابن المبارك وإسحاق والزهرى إلى أن المأموم يقرأ في الصلاة السرية دون الجهرية فإنه ينصت للإمام فيها لأنه إذا لم يشغل نفسه بالتفكر في قراءة الإمام إذا جهر أو لم يقرأ هو إذا أسر الإمام تسلط عليه الوسواس وحديث النفس فيشغله عن الحضور في الصلاة. واستدلوا بقوله تعالى "وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا" وجمع بين الاستماع والإنصات للتأكيد والاهتمام بأمر القرآن (قال) ابن عبد البر لا خلاف في أنه نزل في هذا المعنى دون غيره ومعلوم أنه في صلاة الجهر لأن السر لا يسمع فدل على أنه أراد الجهر خاصة. وأجمعوا على أنه لم يرد كل موضع يستمع فيه القرآن وإنما أراد الصلاة ويشهد له قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الإمام وإذا قرأ فأنصتوا فأين المذهب "أى الفرار" عن السنة وظاهر القرآن اهـ ويؤيد أن الآية في الصلاة ما رواه البيهقي عن مجاهد قال قرأ رجل من الأنصار خلف رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الصلاة فنزلت وإذا قرئَ القرآن الخ. وما أخرجه ابن جرير عن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أنه صلى بأصحابه فسمع ناسا يقرءون خلفه فلما انصرف قال أما آن لكم أن تفهموا أما آن لكم أن تعقلوا وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا كما أمركم الله. واستدلوا أيضا بما رواه مسلم عن أبى موسى الأشعرى مرفوعا وفيه وإذا قرأ فأنصتوا. والإنصات السكوت لاستماع الحديث كما قاله الأزهرى. وبما سيأتى للمصنف عن أبى هريرة وفيه ما لي أنازع القرآن فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فيما جهر فيه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالقراءة (وبقراءة المأموم) في السرية وعدمها في الجهرية قالت الحنابلة. قالوا ويقرأ في الجهرية إذا لم يسمع قراءة الإمام (والظاهر) ما ذهب إليه الفريق الأول من وجوب قراءة الفاتحة خلف الإمام مطلقا في السرية والجهرية لأن قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في حديث الباب لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب الخ دليل على وجوب قراءة الفاتحة على المأموم خصوصا وأن قوله لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب دليل عليه بعمومه. وقول من قال إنه محمول على الإمام والفذ تخصيص بلا مخصص يعوّل عليه. وحديث من صلى خلف الإمام فقراءة الإمام له قراءة عام في الفاتحة وغيرها يخص بحديث الباب فتكون قراءة الإمام قراءة للمأموم في غير الفاتحة. وقوله تعالى "وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا" عام في استماع الفاتحة وغيرها فيخص أيضا بحديث الباب فيسمع المأموم قراءة الإمام في غير الفاتحة: على أن بعضهم حمل القرآن في الآية على الخطبة قالوا وسميت قرآنا لاشتمالها عليه. وبعضهم حملها على ترك الكلام في الصلاة كما يدل عليه ما رواه البيهقي عن أبي هريرة ومعاوية قالا كان الناس يتكلمون