بفتح الخاء المعجمة وكسر الراء جمع خربة ككلم وكلمة كما قاله ابن الجوزى وهو مضبوط في بعض النسخ كذلك. ويجوز أن يكون بكسر الخاء وفتح الراء جمع خربة كعنب وعنبة وهو ما يهدم من البناء (وقال) الخطابى لعلّ صوابه خرب بضم الخاء جمع خربة بضمها أيضا وهي الخروق في الأرض إلا أنهم يقولونها في كل ثقبة مستديرة في أرض أو جدار. أو لعل الرواية جرف جمع جرفة. وأبين منه إن ساعدته الرواية حدب جمع حدبة لقوله فسوّيت وإنما يسوى المحدودب أو الخروق في الأرض وأما الخرب فإنها تعمر ولا تسوى اهـ (قال القاضى) عياض هذا التكلف لا حاجة إليه فإن الذى في الرواية صحيح المعنى لأنه كما أمر بقطع النخل لتسوية الأرض أمر بالخرب فرفعت رسومها وسوّيت مواضعها لتصير جميع الأرض مبسوطة مستوية للمصلين. وفي مصنف ابن أبى شيبة فأمر بالحرث فحرث. وهو الذى قاله ابن الأثير إنه روى بالحاء المهملة وبالثاء المثلثة يريد الموضع المحروث للزراعة
(قوله فنبشت) أى كشفت وأخرج ما فيها من العظام والصديد. وأمر بنبشها لأنهم لا حرمة لهم "فإن قيل" كيف اشترى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قبور المشركين وأمر بنبشها والقبر مختص بمن دفن فيه فلا يجوز بيعه ولا نقله عنه "قيل" إن ذلك مختص بقبور المسلمين لا الكفار. أو يقال إنه دعت الضرورة والحاجة إلى نبش قبورهم فأمر به لذلك. والأول أظهر (وبهذا الحديث) احتج من أجاز نبش قبور الكفار لتتخذ مكانها مساجد. وبما سيأتى للمصنف عن عبد الله بن عمرو قال سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حين خرجنا معه إلى الطائف فمررنا بقبر فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هذا قبر أبي رغال وكان بهذا الحرم يدفع عنه فلما خرج أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه وآية ذلك أنه دفن معه غصن من ذهب إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه فابتدره الناس فاستخرجوا الغصن. وقالوا إذا جاز نبشها لطلب المال فنبشها للانتفاع بمواضعها في المساجد أولى وليس حرمتهم موتى بأعظم منها أحياء بل هو مأجور في مثل ذلك (وقال) الأوزاعي لا يفعل لأن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لما مرّ بالحجر قال لا تدخلوا بيوت الذين ظلموا إلا أن تكونوا باكين فنهى أن ندخل عليهم بيوتهم فكيف قبورهم اهـ (وردّ بأن) ما قاله قياس معارض للنصّ فلا يعوّل عليه (وأما بناء المساجد) في مقابر المسلمين فلا يجوز ما لم تندرس فإذا اندرست جاز ذلك (قال) ابن القاسم من المالكية لو أن مقبرة من مقابر المسلمين عفت فبنى قوم عليها مسجدا لم أر بذلك بأسا وذلك لأن المقابر وقف من أوقاف المسلمين لدفن موتاهم لا يجوز لأحد أن يملكها فإذا درست واستغنى عن الدفن فيها جاز صرفها إلى المسجد لأن المسجد أيضا وقف من أوقاف المسلمين لا يجوز تمليكه لأحد وما هو لله فلا بأس أن يستعان ببعضه في بعض (وقال) ابن وهب منهم أيضا إن المقبرة إذا ضاقت عن الدفن تحرث "أى تزرع" بعد عشر سنين (وقال) ابن الماجشون