بصيغة الشرط كما جاء بصيغة الأمر "فقد" أخرج البخارى من طريق جويرة بن أسماء عن نافع عن ابن عمر قال استفتى عمر النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أينام أحدنا وهو جنب قال نعم ينام إذا توضأ (واحتج) بحديث الباب الظاهرية وابن حبيب من المالكية على وجوب الوضوء على الجنب إذا أراد النوم قبل أن يغتسل (وذهب) الجمهور إلى أن الوضوء مستحب وليس بواجب وحملوا الأمر في الحديث على الندب لما تقدّم ولحديث عائشة الآتى كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ينام وهو جنب ولا يمس ماء، وهو وإن كان فيه مقال إلا أنه اعتضد بأحاديث أخر (منها) ما أخرجه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما عن ابن عمر أنه سأل النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أينام أحدنا وهو جنب قال نعم ويتوضأ إن شاء وروى البيهقى بسنده إلى نافع عن ابن عمر أن عمر استفتى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال هل ينام أحدنا وهو جنب قال نعم ليتوضأ ثم لينم حتى يغتسل إذا شاء اهـ ولا منافاة بينهما لاحتمال تعدّد القصة فمرّة سأل ابن عمر كما في رواية ابن خزيمة وابن حبان ومرّة سأل عمر كما في رواية البيهقى (قال) الحافظ في الفتح قال ابن العربى قال مالك والشافعى لا يجوز للجنب أن ينام قبل أن يتوضأ واستنكر بعض المتأخرين هذا النقل وقال لم يقل الشافعى بوجوبه ولا يعرف ذلك أصحابه وهو كما قال اهـ (وقال) الزرقانى ولا يعرف عنهما وجوبه وقد نص مالك في المجموعة على أن هذا الوضوء ليس بواجب اهـ (وذهبت) طائفة إلى أن المراد بالوضوء هنا الوضوء اللغوى وهو غسل الأذى عن فرجه ويديه. واحتجوا بأن ابن عمر كان يتوضأ وهو جنب ولا يغسل رجليه رواه مالك والطحاوى. لكن ما ذكروه مردود بأن المراد بالوضوء هنا الوضوء الكامل لأنه الحقيقة الشرعية وهي مقدّمة على غيرها في كلام الشارع: على أنه قد صرّح بذلك في رواية البخارى عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة، ويحتمل أن أبن عمر ترك غسل رجليه لعذر فقد ذكر بعض العلماء أنه فدع في خيبر في رجليه فكان يضرّه غسلهما (والحكمة) في هذا الوضوء قيل تخفيف الحدث لما رواه ابن أبي شيبة بسند رجاله ثقات عن شدّاد بن أوس الصحابي قال إذا أجنب أحدكم من الليل ثم أراد أن ينام فليتوضأ فإنه نصف غسل الجنابة، وقيل لينام على إحدى الطهارتين خشية أن يموت في منامه "فقد" روى ابن أبي شيبة بإسناده إلى عائشة قالت إذا أراد أحدكم أن يرقد وهو جنب فليتوضأ فإنه لا يدرى لعله يصاب في منامه، ونحوه للطحاوى (وقال) ابن الجوزى الحكمة فيه أن الملائكة تبعد عن الوسخ والريح الكريهة بخلاف الشياطين فإنها تقرب من ذلك اهـ (وفي حجة الله البالغة) لما كانت الجنابة منافية لهيئة الملائكة كان المرضىّ في حق المؤمن أن لا يسترسل في حوائجه من النوم والأكل مع الجنابة فإذا تعذرت الطهارة الكبرى لا ينبغى