للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الكساء الذى كانت فيه اللمعة على النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، وفي بعض النسخ وهو عليه والتذكير باعتبار المذكور أو باعتبار الكساء (وليس في هذا) الحديث ما يدل على أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أعاد الصلاة التي صلاها في الكساء المتنجس بالدم وغاية ما فيه أنه يدلّ على تجنب المصلى للثوب المتنجس وعلى العفو عما لا يعلم من النجاسة فلا يصلح أن يكون حجة لمن قال إن إزالة النجاسة شرط في صحة الصلاة، نعم فيه الأمر بإزالة النجاسة وهو لا يستلزم الشرطية (واختلف) في إزالة النجاسة أهى شرط في صحة الصلاة أم لا فذهب ابن عباس وابن مسعود وسعيد بن جبير ومالك في أحد قوليه والشافعى في القديم إلى أنها غير شرط (وذهب) الأكثرون إلى أنها شرط واستدلوا بقوله تعالى "وثيابك فطهر" قالوا المراد طهرها للصلاة للإجماع على أنه لا وجوب في غيرها، لكن لا يخفى أن غاية ما يستفاد من الآية الوجوب عند من جعل الأمر حقيقة فيه، والوجوب لا يستلزم الشرطية لأن كون الشئ شرطا حكم شرعي وضعى لا يثبت إلا بتصريح من الشارع بأنه شرط أو بتعليق الفعل به بأداة الشرط أو بنفي الفعل بدونه نفيا متوجها إلى الصحة لا إلى الكمال أو بنفى الثمرة ولا يثبت بمجرّد الأمر به (قال) في النيل قد أجاب صاحب ضوء النهار عن الاستدلال بالآية بأنها مطلقة وقد حملها القائلون بالشرطية على الندب في الجملة فأين دليل الوجوب في المقيد وهو الصلاة وفيه أنهم لم يحملوها على الندب بل صرّحوا بأنها مقتضية للوجوب في الجملة لكنه قام الإجماع على عدم الوجوب في غير الصلاة فكان صارفا عن اقتضاء الوجوب فيما عدا المقيد اهـ واستدلوا أيضا بما سيأتى للمصنف عن أبى سعيد الخدرى قال بينما رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم فلما قضى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلاته قال ما حملكم على إلقائكم نعالكم قالوا رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إن جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا وقال إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصلّ فيهما، وغاية ما فيه الأمر بمسح النعل وقد عرفت أنه لا يستلزم الشرطية على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بني على ما كان قد صلى قبل الخلع ولو كانت طهارة الثياب ونحوها شرطا لوجب عليه الاستئناف لأن الشرط يؤثر عدمه في عدم المشروط، وعلى أن هذا الحديث قد اختلف في وصله وإرساله ورواه الحاكم عن أنس وابن مسعود ورواه الدارقطني عن ابن عباس وعبد الله بن الشخير ورواه البزار عن أبى هريرة بأسانيد فيها ضعف كما قاله الحافظ في التلخيص، واستدلوا بأحاديث أخر لا تفيد الشرطية كحديث تعذيب من لم يستنزه من البول وحديث الأمر بغسل المذى لأنها أوامر وهي لا تدل على الشرطية التي هي محل النزاع

<<  <  ج: ص:  >  >>