وبذلك أى بالتوحيد الكامل والطاعات الخالصة أمرت وأنا أول المنقادين المطيعين لله تعالى من هذه الأمة فلا يشكل ما تقدم من الأنبياء وأممهم. وفي رواية مسلم وأنا من المسلمين "ولا منافاة" بينهما لأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول هذه تارة وتلك أخرى. وأما غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم فمخير بين أن يقول وأنا من المسلمين وبين أن يقول وأنا أول المسلمين ويقصد بها التلاوة أو يقصد أنه أول المنقادين إلى الخير. ولا فرق بين الرجل والمرأة في هذا الدعاء وكل ما ورد من الأذكار والأدعية
(قوله أنت الملك الخ) أى المتصرف في جميع المخلوقات بدون معارض وأنت مربينى على موائد كرمك وهو تخصيص بعد تعميم
(قوله ظلمت نفسى) اعتراف بالتقصير وبما يوجب نقص حظ النفس من ملابسة المعاصى. أما بالنسبة لنا فظاهر. وأما بالنسبة للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فهو من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين أو قال ذلك تواضعا أو تعلما للأمة. وقدمه على سؤال المغفرة تأدبا كما. وقع لآدم وحواء في قوله تعالى "ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا. الآية"
(قوله إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت الخ) وفي نسخة لا يغفر الذنوب إلا أنت وهو بمنزلة التعليل لطلب المغفرة فكأنه قال اغفر لى ذنوبى لأن مغفرة الذنوب بيدك لا يتولاها غيرك ولا يقدر عليها أحد إلا أنت وأرشدني لأكمل الأخلاق ووفقنى للتحلى بها. والأخلاق جمع خلق وهي السجية والطبيعة
(قوله لبيك وسعديك) أى أجيبك إجابة بعد إجابة وأسعد بإقامتي على طاعتك وإجابتي لدعوتك سعادة بعد سعادة فهما مصدران مفعولان لفعل محذوف وأريد بالتثنية التكرير من غير نهاية. ولبيك من ألبى بالمكان إذا أقام به
(قوله والخير كله في يديك) أى أن جميع الخير حسيا كان أو معنويا في تصرّفك لأن الكل عندك كالشئ المقبوض عليه يجرى بقضائك لا يدرك من غيرك (ولفظ اليدين) في الحديث من المتشابه وللسلف والخلف فيه مذهبان مشهوران. فالسلف وهم من قبل الخسمائة يقولون فيه وفي أمثاله نؤمن بكل ما ورد من ذلك ولا يعلم المراد منه إلا الله عز وجل مع اعتقادنا أن الله سبحانه وتعالى منزّه عن صفات المخلوقين (والخلف) وهم من بعد الخمسمائة يؤولون الآيات والأحاديث المتشابهة تأويلات عربية صحيحة مع اعتقاد كمال التنزيه لله عز وجل عن صفات الحوادث فيقولون المراد باليدين القدرة أو القوّة. ومذهب السلف أسلم وأعلم. وهو مذهبنا
(قوله والشرّ ليس إليك) أى لا يتقرّب به إليك أو لا يضاف إليك تأدبا بل إلى من فعله وهو كقوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه وعلى آله الصلاة والسلام "وإذا مرضت فهو يشفين" حيث أضاف المرض لنفسه والشفاء لربه. ويؤيده قوله تعالى "ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك" وقيل معناه الشر لا يصعد إليك وإنما يصعد إليك الكلم الطيب والعمل الصالح
(قوله أنا بك وإليك) أى أستعين بك وألتجئ إليك. أو بك وجدت وإليك ينتهى أمرى فأنت المبدأ