للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك. وعليه فلا منافاة بين حديث الباب وبين ما تقدم في آخر "باب من يعطى من الصدقة وحد الغنى" من قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: لا تحل الصدقة لغني ولا لذى مرة سويّ

(وفي الحديث) الحث علي تحسين الظن بالمسلمين ومساعدتهم والعطف علي السائل بإجابة ما أمكن من طلبه وعدم ردّه خائبًا، وهذا كان باعتبار حال القرون الأولى الذين كانوا لا يسأل الواحد منهم إلا للضرورة الشديدة عملًا بحديث "ما أغناك الله فلا تسأل الناس شيئًا، فإن اليد العليا المعطية واليد السفلى هي المعطاة"

رواه ابن عبد البر عن عطية السعدي. وحديث "لا تحل الصدقة لغني ولا لذى مرة سويّ " رواه أحمد وغيره كما تقدم. أما في هذا الزمان فقد كثر الشحاذون كثرة مروّعة واعترضوا المارة في الطرق واتخذوا السؤال حرفة لهم وأكثرهم لا همّ لهم إلا جمع الأموال واتخاذ السؤال موردًا للكسب، لا تطيب نفس أحدهم بتركه، ولو كان ما في ثيابه أضعاف ما يملك المسئول، فهؤلاء يحرم عليهم السؤال، ويحرم علي الناس إعطاؤهم

(والحديث) أخرجه أيضًا الإِمام أحمد، وفي سنده مصعب بن محمد، ووثقه ابن معين وغيره، وقال أبو حاتم صالح لا يحتج به. واختلف في يعلي بن أبي يحيى كما تقدم. وقد اختلف في إرسال الحديث ووصله على ما تقدم، وهذا لا يضر في الاحتجاج به، وقد روي من عدة طرق، فقد أخرجه السيوطي في الهاشميات بلفظ "للسائل حق ولو جاء على فرس فلا تردوا السائل" ورواه ابن عدي من حديث أبي هريرة مرفوعًا "أعطوا السائل وإن كان علي فرس. وقد رواه المصنف بعد من طريق آخر. فالحديث لا ينحط عن درجة الحسن. ومنه تعلم رد ما زعمه ابن الصلاح من أن الحديث موضوع حيث قال: بلغنا عن أحمد بن حنبل أنه قال: أربعة أحاديث تدور عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الأسواق ليس لها أصل: من بشرني بخروج آذار بشرته بالجنة: ومن أذى ذميًا فأنا خصمه يوم القيامة: ونحركم يوم صومكم: وللسائب حق وإن جاء علي فرس اهـ

(ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ نَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ نَا زُهَيْرٌ عَنْ شَيْخٍ قَالَ رَأَيْتُ سُفْيَانَ عِنْدَهُ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ حُسَيْنٍ عَنْ أَبِيهَا عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَهُ.

(ش) (زهير) بن معاوية. و (الشيخ) لم يسم، ولعله يعلي بن أبي يحيى المتقدم كما قاله السيوطي في درجات مرقاة الصعود، وهر أقرب من القول بأنه مصعب بن محمد بن شرحبيل فإن مصعبًا لم يرو عن فاطمة بنت الحسين

(قوله قال رأيت سفيان عنده) أي قال زهير رأيت سفيان الثوري عند الشيخ. وغرضه بيان أن الشيخ حدثه بحضور الثوري وإقراره، ففيه تقوية الرواية وتوثيق لذلك الشيخ، فإن سفيان لم يرو إلا عن ثقة فلا يقر إلا ثقة

(قوله مثله) أي روى زهير عن الشيخ الذي هو يعلى. الحديث. مثل ما رواه عنه مصعب بن محمد

<<  <  ج: ص:  >  >>