ابن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس (الحديث) وفيه فتصدق به أبو طلحة علي ذوى رحمه، وكان منهم أبيّ وحسان، وقد بين في مرسل أبي بكر بن حزم من أعطوا منها مع حسان وأبيّ، قال: إن أبا طلحة تصدق بماله وكان موضعه قصر بنى جديلة فدفعه إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فردّه علي أقاربه أبىّ بن كعب وحسان بن ثابت وثبيط بن جابر وشداد بن أوس اهـ
(فقه الحديث) دلّ الحديث على الترغيب في الإنفاق من أحب الأموال. وعل جواز إضافة المال إلى الشخص الفاضل العالم وأن يضيفه هو إلى نفسه ولا نقص يلحقه في ذلك. وعلي استحباب مشاورة أهل الفضل والعلم فيما يريد الإنسان عمله من الخير. وعلى أن الصدقة على الأقارب أفضل منها على غيرهم. وعل مشروعية الصدقة المطلقة وهي التى لم يعين مصرفها أولا وإنما يعين بعد. وعل جواز إعطاء الواحد من الصدقة فوق النصاب لأن هذا الحائط خص كل واحد من المتصدق عليهم منه أنصباء، فقد باع حسان حصته لمعاوية بمائة ألف درهم وهذا يدل على أن أبا طلحة ملكهم أرض باريحاء، إذ لو وقفها ما ساغ لحسان بيعها. وعلى جواز الأخذ بالعام والتمسك به، لأن أبا طلحة فهم من قوله تعالى {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} تناوله جميع أفراده فبادر إلى إنفاق ما يحبه وأقره النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على ذلك. وفيه دليل لما ذهب إليه المالكية من أن الصدقة تخرج من ملك المتصدق بمجرد القول وإن لم يقبضها المتصدق عليه، فإن كانت لمعين طلب قبضها، وإن كانت لجهة خرجت من ملك المتصدق، وللإمام صرفها في سبيل الصدقة، وذهب غيرهم من الأئمة إلى أن الصدقة لا تملك إلا بالقبض لأنها من التبرعات، وعلى أن الصدقة على جهة عامة كسبيل الله لا تحتاج إلى قبول معين بل للإمام قبولها من المتصدق ووضعها فيما يراه ولو فى قرابة المتصدق. ودل الحديث على جواز أخذ الغني من صدقة التطوع إذا جاءت له بلا سؤال, فقد كان أبيّ بن كعب بن مياسير الأنصار ودلَّ علي فضل أبي طلحة ورغبته في الخير، حيث بادر إلى إنفاق أحب ماله إليه وأقره عليه النبي صلي الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأثنى عليه بقوله: بخ بخ ذلك مال رابح، ذلك مال رابح. رواه الشيخان. وعلى أنه لا يعتبر في القرابة أب معين كرابع أو غيره، لأن أبيا إنما يجتمع مع أبي طلحة في الأب السادس وعلى أنه لا يجب تقديم الأقرب علي القريب في الصدقة لأن حسانا أقرب إلى أبي طلحة من أبىّ
(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد ومسلم، وكذا النسائي والدارقطني في الأحباس. وأخرجه البخارى
ومسلم والنسائى من حديث مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس قال: كان أبو طلحة
أكثر الأنصار بالمدينة مالا من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء كانت مستقبلة المسجد، وكان
النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس فلما نزلت {لَنْ