قال كان الناس في زمن عمر يقومون بثلاث وعشرين ركعة. وروى محمَّد بن نصر عن محمَّد بن كعب القرظي قال كان الناس يصلون في زمن عمر بن الخطاب في رمضان عشرين ركعة يطيلون فيها القراءة ويوترون بثلاث. وروى عن عطاء قال أدركتهم يصلون في رمضان عشرين ركعة والوتر ثلاث ركعات
(ويجمع بين هذه الروايات) المبينة لعدد ركعات التراويح في زمن عمر أنهم أولًا كانوا يقومون بإحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة يطيلون فيها القراءة كما كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر ثم لما رأوا ملل القوم من تطويل القراءة خففوها وزادوا في عدد الركعات فصلوها عشرين غير الوتر
(واختار مالك) في أحد قوليه أن عددها ست وثلاثون ركعة غير الوتر. فقد قال ابن القاسم سمعت مالكًا يذكر أن جعفر بن سلمان أرسل إليه يسأله أننقص من قيام رمضان فنهاه عن ذلك قال وقد قام الناس هذا القيام قديمًا. قيل له فكم القيام فقال تسع وثلاثون ركعة بالوتر ذكره محمَّد بن نصر وذكر نحوه في المدوّنة. وروى محمَّد بن نصر عن نافع مولى ابن عمر قال لم أدرك الناس إلا وهم يصلون تسعًا وثلاثين ركعة ويوترون منها بثلاث, ذكره في المدونة. وروى محمَّد أيضًا عن داود بن قيس قال أدركت المدينة في زمان أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز والناس يصلون ستًا وثلاثين ركعة ويوترون بثلاث. ورواه ابن أبي شيبة
(وسبب) هذه الزيادة ما جاء من ضعف الناس من طول القراءة (قال) الزرقاني في الموطأ وذكر ابن حبان أن التراويح كانت أولًا إحدى عشرة ركعة كانوا يطيلون القراءة فثقل عليهم فخففوا القراءة وزادوا في عدد الركعات فكانوا يصلون عشرين ركعة غير الشفع والوتر بقراءة متوسطة ثم خففوا القراءة وجعلوا الركعات ستًا وثلاثين غير الشفع ومضى الأمر على ذلك اهـ.
وذكر نحوه الباجي (وقال) النووي قال أصحابنا والسبب في أن أهل المدينة كانوا يصلونها ستًا وثلاثين أن أهل مكة كانوا يطوفون بالكعبة بين كل ترويحتين ولا يطوفون بعد الترويحة الخامسة فأراد أهل المدينة مساواتهم فجعلوا مكان كل طواف أربع ركعات فزادوا على العشرين ست عشرة ركعة اهـ ببعض تصرف
وقيل إن عدد التراويح ثمان وثلاثون ركعة غير الوتر فقد روى محمَّد بن نصر عن أبي أيمن قال قال مالك أستحب أن يقوم الناس في رمضان بثمان وثلاثين ركعة ثم يسلم الإِمام والناس ثم يوتر بواحدة وهذا العمل بالمدينة قبل الحرة منذ بضع ومائة سنة إلى اليوم
(ويمكن) رد هذا إلى ما قبله بضم ركعتي الشفع إلى ست وثلاثين. ويوافقه ما رواه ابن نصر عن محمَّد بن أبي ذئب عن صالح مولى التوءمة قال أدركت الناس قبل الحرة يقومون بإحدى وأربعين ركعة يوترون منها بخمس. قال ابن أبي ذئب فقلت لا يسلمون بينهن "أي الخمس الوتر" فقال بل يسلمون بين كل ثنتين ويوترون بواحدة إلا أنهم يصلون جميعًا.
والحرة أرض خارج المدينة ذات حجارة سود سميت بها الواقعة التي نهب فيها المدينة جيش يزيد بن معاوية وقاتلوا أهلها سنة ثلاث وستين. وقال الترمذي في جامعة