وسلم يخطب فقال: صل ركعتين، ثم جاء الجمعة الثالثه فقال: صل ركعتين، ثم قال تصدقوا فتصدقوا فأعطاه ثوبين، ثم قال تصدقوا فطرح أحد ثوبيه فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم:" ألم تروا إلى هذا؟ أنه دخل المسجد بهيئة بذّة فرجوت أن تفطنوا له فتصدقوا عليه، فلم تفعلوا فقلت تصدقوا فتصدقتم فأعطيته ثوبين، ثم قلت تصدقوا فطرح أحد ثوبيه خذ ثويك وانتهره
(قوله ثم حث على الصدقهّ) أي حرض عليها في الجمعة التالية للجمعة التي طرحوا فيها الثياب، ففي رواية للنسائى "فلما كانت الجمعة الثانية جاء ورسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يخطب فحث الناس على الصدقة فألقى أحد ثوبيه"
(وفي حديث الباب) دلالة على أنه يكره للشخص أن يتصدق بما هو محتاج إليه. وعلى أنه ينبغي للإمام إذا رأى من يتصدق بما يحتاج إليه أن يرده عليه
(الحديث) أخرجه أيضًا الحاكم وصححه. وأخرجه النسائي بلفظ تقدم. وفي سنده محمد بن عجلان تكلم فيه بعضهم، وقال الترمذي: قال سفيان بن عيينة كان محمد بن جملان ثقة مأمونًا في الحديث
(ش)(جرير) في عبد الحميد. و (الأعمش) سليمان بن مهران. و (أبو صالح) ذكوان السمان
(قوله خير الصدقة الخ) أي أفضلها ما يبقى بعده للمتصدق ما يدفع حاجته ويكون به غنيًا. وكان هذا أفضل من التصدق، بكل المال لما تقدم من أن من تصدق بالجميع قد يندم إذا احتاج ويودّ أن لم يتصدق بخلاف، من بقي بعد صدقته مستغنيًا فإنه لا يندم عليها. ويحتمل أن يكون معناه أفضل الصدقة ما كان العطاء فيه كثيرًا بحيث يصير المتصدق عليه به غنيًا. والظاهر الأول، لقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: وابدأ بمن تعول "وقوله فيما تقدم" خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وقول المصنف "أو تصدق به عن ظهر غنى" بضم المثناة الفوقية والصاد المهملة مبنيًا للمفعول وهو شك من أحد الرواة
(قوله وابدأ بمن تعول) أي ابدأ بمن تجب عليك نفقته فلا تضيعهم وتتفضل على غيرهم. يقال عال الرجل أهله إذا قام بما يحتاجون إليه من قوت وكسوة
(وفي الحديث) دلالة على كراهة التصدق بجميع المال. وعلى أنه يطلب تقديم الأهمّ على المهمّ في النفقات وغيرها من الأمور الشرعية، فيقدم نفسه ثم عياله على غيرهما لأن نفقتهم واجبة عليه بخلاف نفقة غيرهم.
واختلف في نفقة من بلغ من الأولاد ولا مال له ولا كسب (فذهب) طائفة إلى وجوبها