للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذى قال بعده النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هذه المقالة، كيف وقد ورد في رواية سعيد بن منصور في هذا الحديث التصريح بأنه مسح رأسه مرة واحدة ثم قال من زاد اهـ

(قوله ثم غسل قدمه اليمنى ثلاثا) قال ابن دقيق العيد قوله ثلاثا يدلّ على استحباب التكرار في غسل الرجلين ثلاثا، وبعض الفقهاء لا يرى هذا العدد في الرجل كما في غيرها من الأعضاء وقد ورد في بعض الروايات فغسل رجليه حتى أنقاهما ولم يذكر عددا فاستدلّ به لهذا المذهب وأكد من جهة المعنى بأن الرجل لقربها من الأرض في المشى عليها تكثر فيها الأوساخ والأدران فيحال الأمر فيها على مجرد الإنقاء من غير اعتبار العدد، والرواية التى ذكر فيها العدد زائدة على الرواية التى لم يذكر فيها، فالأخذ بها متعين، والمعنى المذكور لا ينافي اعتبار العدد فليعمل بما دل عليه لفظ الحديث اهـ (وظاهر) الحديث يدلّ على مشروعية غسل الرجلين (واختلف) في الواجب فيهما فذهب الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل السنة والجماعة إلى وجوب الغسل واستدلوا بحديث الباب وبقوله تعالى "وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين" بيان ذلك أن قوله وأرجلكم قرئَ بالنصب والخفض والقراءتان سبعيتان ولا يختلف أهل اللغة أن كل واحدة من القراءتين محتملة للمسح بعطفها على الرأس ومحتملة للغسل بعطفها على المغسول فلا يخلو حينئذ القول من أحد معان ثلاثة، إما أن يقال إن المراد هما جميعا فيكون عليه أن يمسح ويغسل، أو يكون المراد أحدهما على وجه التخيير يفعل المتوضئ أيهما شاء، أو يكون ما يفعله هو المفروض وإليه ذهب الحسن البصرى وابن جرير والجبائى، أو يكون المراد أحدهما بعينه لا على التخيير فلا سبيل إلى الأول لاتفاق الأئمة على خلافه ولا عبرة بقول بعض الظاهرية بوجوبهما لمخالفته الإجماع وكذا لا سبيل إلى الثاني إذ ليس في الآية ذكر التخيير ولا دلالة عليه فتعين الوجه الثالث ثم يحتاج بعد ذلك إلى طلب الدليل على المراد منهما فالدليل على أن المراد الغسل دون المسح اتفاق الجميع على أنه إذا غسل فقد أدّى فرضه وأتى بالمراد وأنه غير ملوم على ترك المسح فثبت أن المراد الغسل أيضا فهو قد صار في حكم المجمل المفتقر إلى البيان فمهما ورد فيه من البيان عن الرسول صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من فعل أو قول علمنا أنه مراد الله تعالى من الآية، وقد ورد البيان عنه بالغسل قولا وفعلا، أما فعلا فهو ما ثبت بالنقل المستفيض المتواتر أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم غسل رجليه في الوضوء ولم تختلف الأئمة فيه، وأما قولا فما رواه ابن ماجه والطحاوى عن جابر أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى وآله وسلم رأى في قدم رجل لمعة لم يغسلها فقال ويل للعراقيب من النار، وما رواه النسائى وابن ماجه وابن خزيمة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه أن رجلا أتى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال يا رسول الله كيف الطهور فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثا الخ وفيه

<<  <  ج: ص:  >  >>