الظن بدخول الشهر وخروجه وغفل عن كون الشارع لم يجعل الحساب ولا التنجيم طريقا معولا عليه فى حصول العلم أو الظن بدخول الشهر أو خروجه حتى يصح الصيام أو الإفطار حينئذ ولو كان المقصود من الحديث العلم أو الظن بدخول الشهر أو خروجه كما زعم لقال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: صوموا لعلمكم أو ظنكم بدخول الشهر أو خروجه مثلا. وحسبك فى إبطال العمل بالحساب والتنجيم قوله تعالى {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} وقوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول , فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. رواه أحمد والحاكم. وقال فى روح البيان فى تفسير قوله تعالى {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ} ما نصه: ومن أحاديث المصابيح من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر اهـ
(قوله قال فكان ابن عمر الخ) أى قال نافع كان عبد الله بن عمر إذا مضى من شعبان تسع وعشرون يوما بعث من ينظر الهلال , "فقد كف بصره أخيرًا", فإن ثبتت رؤيته أصبح صائما , وإن لم يثبت ولم يمنع من ذلك غيم ولا قترة "بفتحتين أى غبار" أصبح مفطرا , وإن منع من رؤية الهلال سحاب أو غبار أصبح صائما لاحتمال أن الهلال مستور تحت السحاب أو الغبار. ووافق ابن عمر على هذا أحمد فى رواية وطائفة. وقال ابو حنيفة وأصحابه ومالك والثوري والأوزاعي: لا يجوز صومه عن فرض رمضان ويجوز عن غيره, لقول مالك فى الموطأ: سمعت أهل العلم ينهون أن يصام اليوم الذي يشك فيه من شعبان إذا نوى به صيام رمضان, ولا يرون بصيامه تطوعا بأسًا. قال مالك وهذا الأمر عندنا والذى أدركت عليه أهل العلم ببلدنا اهـ فلعل ابن عمر كان يصومه تطوعا, ويبعد أن يصومه عن رمضان وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن صومه كما سيأتى فى "باب كراهية صوم يوم الشك" وقال الشافعى لا يجوز صومه عن أداء رمضان ولا نفلا مطلقا, ويجوز صومه قضاء وكفارة ونذرا ونفلا يوافق عادة, وهو رواية عن أحمد. وقال الحسن البصرى وابن سيرين والشعبى الناس فيه تبع للإمام: إن صام صاموا وإن أفطر أفطروا, وهو رواية عن أحمد أيضا
(قوله قال وكان ابن عمر يفطر مع الناس الخ) وفى نسخة قال فكان الخ. أى كان ابن عمر يصوم إذا لم ير الهلال لغيم ونحوه فى آخر شعبان احتياطا للصوم, ولا يأخذ بهذا فى آخر رمضان, فكان إذا لم ير الهلال بعد الثلاثين منه لنحو غيم يصبح صائما احتياطا ولا يفطر إلا مع الناس ولا يعمل على حساب نفسه ولو زاد صيامه على الثلاثين. ويكون الزائد تطوعا
(فقه الحديث) دل الحديث على أن الشهر يكون تاما ويكون ناقصا. وعلى أن وجوب الصوم والإفطار إنما يتعلقان برؤية الهلال أو تمام العدد ثلاثين لا فرق بين حالة الصحو والغيم خلافا لابن عمر ومن تبعه الذين فرقوا بينهما لشبهة فى المراد من قوله صلى الله تعالى عليه وعلى