للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ نَا هِشَامٌ وَهَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- قَالَ "الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ مَاهِرٌ بِهِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَالَّذِى يَقْرَؤُهُ وَهُوَ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ فَلَهُ أَجْرَانِ".

(ش) (هشام) بن أبي عبد الله الدستوائي تقدم بالأول صفحة ١١٤ وكذا (همام) بن يحيى بن دينار صفحة ٧٤، و (قتادة) بن دعامة

(قوله الذي يقرأ القرآن الخ) الذي مبتدأ وجملة هو ماهر به حال من فاعل يقرأ، وقوله مع السفرة خبر المبتدأ، والماهر الحاذق في قراءته المتقين لها الذي لا تشق عليه لجودة حفظه لكونه يسر الله تعالى عليه كما يسره على الملائكة. يقال مهر في العلم يمهر مهرًا ومهارة فهو ماهر أي حاذق عالم بذلك ومهر في صناعته أتقنها. والسفرة جمع سافر مثل كاتب وكتبة هم الكتبة من الملائكة حملة اللوح المحفوظ قال تعالى (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ) سموا بذلك لأنهم ينقلون الكتب المنزلة على الأنبياء وقيل هم الكتبة لأعمال العباد. وقال ابن عباس هم الملائكة المتوسطون بين الله تعالى وأنبيائه. ويكون سافر بمعنى سفير أي رسول وواسطة، والمشهور في مصدره بهذا المعنى السفارة بكسر السين وفتحها. وقيل هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لأنهم سفراء بين الله تعالى والأمم. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن وهب بن منبه أنهم أصحاب محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم وذلك لأنهم سفراء ووسائط بين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبين سائر الأمة أولأن بعضهم يسفر إلى بعض في الخير والتعليم والتعلم. ويعنى بكونه معهم أنه يعمل بعملهم في الدنيا فيكونون معه بالحفظ والبركة ويكون رفيقًا لهم في منازلهم في الآخرة

(قوله الكرام البررة) يعني الأعزاء على الله تعالى المعظمين عنده فالكرام من الكرامة بمعنى التوقير ويكون جمع كريم أي المكرمين المقربين عند الله لعصمتهم من دنس المعصية أو المراد أنهم متعطفون على المؤمنين يستغفرون لهم ويرشدونهم إلى ما فيه الخير بالإلهام وينزلون بما فيه تكميلهم من الشرائع، فالكرام من الكرم ضد اللؤم. والبررة جمع بار وهو التقي المطيع لله تعالى أو المحسن

(قوله وهو يشتد عليه الخ) أي يشق عليه ويقل على لسانه لضعف حفظه. وفي رواية الشيخين وابن ماجه والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو شاق عليه فله أجران أجر لقراءته وأجر لمشقته، وهو تحريض وحث على تحصيل القراءة، وليس المراد أن الذي يتتعتع فيه أكثر من الماهر بل الماهر أكمل منه أجرًا لمزيد اعتنائه بالقرآن وكثرة دراسته وإتقانه لحروفه ولاندراجه في سلك الملائكة المقربين والأنبياء والمرسلين والصحابة الطاهرين. وقيل إن من يتتعتع في قراءته أكثر في الأجر من الماهر لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>