لأنه لا فرق في ذلك بين الحاضر وغيره والذكر والأنثى
(قوله فليبدأ بالخلاء) أى بقضاء الحاجة ليفرغ نفسه من الشواغل ثم يرجع فيصلى خاليا مما يشوّش عليه وهو حاضر القلب لأنه إذا صلى قبل فضاء حاجته لا يتفرّغ للعبادة لنقصان خشوعه واشتغال قلبه (واختلف) فيمن صلى وهو حاقن أو حاقب، فذهبت المالكية إلى أنه يعيد، ولهم في المسألة تفصيل (قال) الباجى في شرح الموطأ فإن لم ينصرف وتمادى على صلاته وبه من الحقن ما يعجله ويشغله فإن عليه الإعادة، قال مالك وأحب إليّ أن يعيد في الوقت وبعده، والدليل على ما نقوله الحديث المذكور فإنه أمر بتقديم فضاء الحاجة وفيه نهى عن تقديم الصلاة والنهى يقتضى فساد المنهيّ عنه، ومن جهة المعنى أن استدامته لمدافعة الحدث عمل كثير في الصلاة شاغل عنها يمنع استدامتها فوجب أن يكون مفسدا لها كسائر الأعمال، وذلك أنه لا يمكنه دفعه إلا باستدامة ضمّ شديد لوركيه وتكلف إمساكه بمنزلة من يحمل في الصلاة حملا ثقيلا لا يستطيعه إلا بتكلف وعمل متتابع فإنه يمنع صحة الصلاة، قال بعض أصحابنا إن ما يجده الإنسان من ذلك على ثلاثة أضرب (أحدها) أن يكون خفيفا فهذا يصلى به ولا يقطع (الثاني) أن يكون ضاما بين وركيه فهذا يقطع فإن تمادى صحت صلاته ويستحب له أن يعيد في الوقت (الثالث) أن يشغله ويعجله عن استيفائها فهذا يقطع فإن تمادى أعاد أبدا، وقال ابن القاسم القرقرة بمنزلة الحقن، وأما الغثيان فلم يجب عنه، قال القاضى أبو الوليد عندى لا تقطع له الصلاة والفرق بينه وبين الحقن أن الحقن يقدر على إزالته وأما الغثيان فمرض من الأمراض لا يقدر على إزالته فلا معنى لقطع الصلاة من أجله اهـ بحذف، والغثيان اضطراب النفس حتى تكاد تتقايأ وروى مالك عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب قال لا يصلين أحدكم وهو ضامّ بين وركيه قال الباجى هو نهى عن الصلاة في حال الحقن الذى يبلغ بالمصلى أن يضم وركيه من شدّة حقنه لأن في ذلك ما يشغله عن الصلاة ولا يمكنه من استيفائها، وليبدأ أولا بقضاء حاجته ثم يستقبل صلاته، وروى ابن نافع عن مالك أن من أصابه ذلك في صلاته خرج واضعا يده على أنفه كالراعف، ومعنى ذلك أنه قد يحمله خجله من الخروج من ذلك على التمادى على صلاته فإذا خرج على صفة الراعف سهل عليه ذلك وبادر إلى الخروح اهـ ومن يقول بعدم الفساد لا يسلم كون النهى يقتضى فساد المنهيّ عنه لأن النهى هنا لأمر خارج لا لذات الصلاة فلا إعادة عنده على من صلى حاقنا إن لم يترك شيئا من فرائض الصلاة بل يكره له ذلك، وإلى هذا ذهبت الحنفية والشافعية والحنابلة (قال) الطحاوى لا خلاف أنه لو شغل قلبه شئ من الدنيا لم تستحب الإعادة فكذا البول. قال أبو عمر أحسن شئ في هذا الباب حديث عبد الله بن الأرقم هذا وحديث عائشة سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول لا يصلى أحد بحضرة الطعام