للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المهملة أصله تتطوع فأدغمت إحدى التائين في الطاء ويحتمل أن يكون بتخفيف الطاء بحذف إحدى التائين (والاستثناء) فيه يجوز أن يكون منقطعا بمعنى لكن أي لكن يستحب لك أن تتطوّع واختاره الشافعية ولذا قالوا لا تلتزم النوافل بالشروع لكن يستحب إتمامها وإن الوتر ليس بواجب. والأصح كون الاستثناء متصلا لأنه الأصل واختاره الحنفية والمالكية. والمعنى إلا أن تشرع في التطوّع فيجب عليك إتمامه ويؤيه قوله تعالى "ولا تبطلوا أعمالكم" وقد اتف العلماء على أن حج التطوّع يلزم بالشروع فيه (قال) الطيبي الحديث متمسك لنا في أصلين "أحدهما" في شمول عدم الوجوب في غير ما ذكر في الحديث كعدم وجوب الوتر "والثانى" في أن الشروع غير ملزم لأنه نفي وجوب شئ آخر مطلقا شرع فيه أو لم يشرع وتمسك الخصم به على أن الشروع ملزم لأنه نفى وجوب شيء آخر إلا ما تطوّع به والاستثناء من النفي إثبات فيكون المثبت الاستثناء وجوب ما تطوّع به وهو المطلوب. وهذا مغالطة لأن هذا الاستثناء من وادى قوله تعالى "لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى" أي لا يجب شئ إلا أن تتطوّع وقد علم أن التطوّع ليس بواجب فلا يجب شئ آخر أصلا اهـ (قال) العيني في شرح البخارى أما الأول فلا نسلم شمول عدم الوجوب مطلقا بل الشمول بالنظر إلى تلك الحالة ووقت الإخبار والوتر لم يكن واجبا حينئذ يدلّ عليه أنه لم يذكر الحج والوتر مثله. وأما الثانى فليس من وادى قوله تعالى "لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى" على أن يكون المعنى لا يجب شئ إلا أن تطوّع بل معنى إلا أن تطوّع أن تشرع فيه فيصير واجبا كما يصير واجبا بالنذر. وقال بعضهم من قال إنه منقطع احتاج إلى دليل والدليل عليه ما روى النسائى وغيره أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان أحيانا ينوى صوم التطوّع ثم يفطر. وفى البخارى أنه أمر جويرية بنت الحارث أن تفطر يوم الجمعة بعد أن شرعت فيه فدلّ على أن الشروع في العبادة لا يستلزم الإتمام إذا كانت نافلة بهذا النص في الصوم وبالقياس في الباقى "قلت" من العجب أن هذا القائل لم يذكر الأحاديث الدالة على استلزام الشروع في العبادة الإتمام وعلى القضاء بالإفساد وقد روى أحمد في مسنده عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا قالت أصبحت أنا وحفصة صائمتين فأهديت لنا شاة فأكلنا منها فدخل علينا النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فأخبرناه فقال صوما يوما مكانه. أمر بالقضاء والأمر للوجوب فدلّ على أن الشروع ملزم وأن القضاء بالإفساد واجب وروى الدارقطني عن أم سلمة أنها صامت يوما تطوّعا فأفطرت فأمرها النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن تقضى يوما مكانه. وحديث النسائى لا يدلّ على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى له وسلم ترك القضاء بعد الإفطار وإفطاره ربما كان عن عذر. وحديث جويرية إنما أمرها بالإفطار عند تحقق واحد من الأعذار كالضيافة. وكل ما جاء من أحاديث هذا الباب محمول على مثل هذا ولو وقع التعارض

<<  <  ج: ص:  >  >>