للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المهذب قال أصحابنا إذا صلى في مدينة رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فمحراب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في حقه كالكعبة فمن يعاينه يعتمده ولا يجوز العدول عنه بالاجتهاد بحال "ويعنى بمحراب رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مصلاه وموقفه" لأنه لم يكن هذا المحراب المعروف "موجودا" في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإنما أحدثت المحاريب بعده اهـ (وللإمام السيوطى) في ذلك رسالة مستقلة، وهاك نصها: -

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، هذا جزء سميته "إعلام الأريب بحدوث بدعة المحاريب" لأن قوما خفى عليهم كون المحراب في المساجد بدعة، وظنوا أنه كان في مسجد النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في زمنه. ولم يكن في زمانه قطّ محراب ولا في زمان الخلفاء الأربعة فمن بعدهم إلى آخر المائة الأولى وإنما حدث في آخر المائة الثانية (١) مع ورود الحديث بالنهى عن اتخاذه وأنه من شأن الكنائس وأن اتخاذه في المساجد من أشراط الساعة "قال" البيهقى في السنن الكبرى "باب في كيفية بناء المساجد" أخبرنا أبو مضر بن قتادة أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسن البرّاج ثنا مطين ثنا سهل بن زنجلة الرازى ثنا أبو زهير عبد الرحمن بن مغراء عن ابن أبجر عن نعيم بن هند عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اتقوا هذه المذابح يعنى المحاريب هذا حديث ثابت فإن سالم بن أبى الجعد من رجال الصحيحين بل الأئمة الستة. ونعيم بن هند من رجال مسلم وابن أبجر اسمه عبد الملك بن سعيد من رجال مسلم أيضا. وأبو زهير عبد الرحمن بن مغراء من رجال الأربعة قال الذهبي في الكاشف وثقه أبو زرعة الرّازى وغيره ولينه ابن عدى وقال في الميزان ما به بأس وقال في المغنى صدوق. فالحديث على رأى أبى زرعة ومتابعيه صحيح وعلى رأى ابن عدى حسن والحسن إذا ورد من طريق ثان ارتقى إلى درجة الصحة وهذا له طرق أخرى تأتى فيصير المتن صحيحا من قسم الصحيح لغيره وهو أحد قسمى الصحيح ولهذا احتج به البيهقى في الباب مشيرا إلى كراهة اتخاذ المحاريب والبيهقى مع كونه من كبار الحفاظ فهو أيضا من كبار أئمة الشافعية الحاملين للفقه والأصول والحديث كما ذكره النووى في شرح المهذب. فهو أهل أن يستنبط ويخرّج ويحتجّ. وأما سهل ابن زنجلة ومطين فإمامان حافظان ثقتان فوق الثقة "وقال" البزّار في مسنده ثنا محمد بن مرداس


(١) لعلها آخر المائة الأولى لما تقدّم عن القضاعي والسمهودى من أن أول من أحدثها عمر بن عبد العزيز

<<  <  ج: ص:  >  >>