عقب الصلوات وارد على أعداد مختلفة فأي عدد منها عمل به الإنسان فقد وافق الوارد وأكثرها وأقواها رواية التسبيح ثلاثًا وثلاثين والتحميد والتكبير كذلك فالعمل بها أولى
(وأخذ) من هذه الروايات أن مراعاة العدد المخصوص في الأذكار عقب الصلوات معتبرة, فلا يتعداها الذاكر وإلا حرم ثوابها. قال في الفتح وقد كان بعض العلماء يقول إن الأعداد الوارده في الذكر عقب الصلوات إذا رتب عليها ثواب مخصوص فزاد الآتي بها على العدد المذكور لا يحصل له ذلك الثواب المخصوص لاحتمال أن يكون لتلك الأعداد حكمة وخاصية تفوت بمجاوزه ذلك العدد. قال شيخنا الحافظ أبو الفضل في شرح الترمذي "وفيه نظر" لأنه أتى بالمقدار الذي رتب الثواب على الإتيان به فحصل له الثواب بذلك فإذا زاد عليه من جنسه كيف تكون الزيادة مزيلة لذلك الثواب بعد حصوله اهـ.
ويمكن أن يفترق الحال فيه بالنية فإن نوى عند الانتهاء إليه امتثال الأمر الوارد ثم أتى بالزيادة فالأمر كما قال شيخنا لا محاله, وإن زاد بغير نية بأن يكون الثواب رتب على عشرة مثلًا فرتبه هو على مائه فيتجه القول الماضي وقد بالغ القرافي في القواعد فقال: من البدع المكروهة الزيادة في المندوبات المحدودة شرعًا لأن شأن العظماء إذا حدوا شيئًا أن يوقف عنده ويعد الخارج عنه مسيئًا للأدب اهـ. وقد مثله بعض العلماء بالدواء يكون مثلًا فيه أوقية سكر فلو زيد فيه أوقية أخرى لتخلف الانتفاع به, فلو اقتصر على الأوقية في الدواء ثم استعمل من السكر بعد ذلك ما شاء لم يختلف الانتفاع. ويؤيده ذلك أن الأذكار المتغايرة إذا ورد لكل منها عدد مخصوص مع طلب الإتيان بجميعها متوالية لم تحسن الزيادة على العدد المخصوص لما في ذلك من قطع الموالاة لاحتمال أن يكون للموالاة في ذلك حكمة خاصة تفوت بفواتها اهـ كلام الفتح
(والحديث) أخرجه أيضًا البخاري ومسلم بنحوه عن أبي هريرة قال: جاء الفقراء إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقالوا ذهب أهل الدثور الخ وأخرجه النسائي عن ابن عباس قال: جاء الفقراء إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الخ. فالسائل في روايتهم الفقراء وفي رواية المصنف أبو ذر ولا تنافي لأن أبا ذر كان من الفقراء