وأبى مسعود الأنصارى وأهل الحجاز. واحتجوا بحديث الباب وبقوله تعالى "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم" والتعجيل من باب المسارعة إلى الخير. وقد ذمّ الله تعالى أقواما على الكسل بقوله "وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى" والتأخير من الكسل. وروى الترمذى من حديث ابن عمر مرفوعا الوقت الأول من الصلاة رضوان الله، وبقوله تعالى "فاستبقوا الخيرات" وبما رواه البخارى ومسلم عن عائشة قالت كنّ نساء المؤمنات يشهدن مع النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلاة الفجر متلفعات بمروطهنّ ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الغلس. وبما رواه أبو برزة قال كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله ولسلم ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه وكان يقرأ بالستين إلى المائة. وتقدم نحوه للمصنف. وبما تقدم للمصنف عن أبى مسعود أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى الصبح مرّة بغلس ثم صلى مرّة أخرى فأسفر بها ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات ولم يعد إلى أن يسفر. وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة الصريحة في أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يصلى الصبح بغلس (وذهب) أبو حنيفة وأصحابه والثورى وأكثر العراقيين إلى أن الإسفار بالصبح أفضل. وروى عن على وابن مسعود. واحتجوا بحديث رافع بن خديج أسفروا بالفجر وسيأتى للمصنف نحوه. وبما رواه البخارى ومسلم عن ابن مسعود قال ما رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين جمع بين المغرب والعشاء يجمع "أى المزدلفة" وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها. قالوا ومعلوم أنه لم يصلها قبل طلوع الفجر وإنما صلاها بعد طلوعه مغلسا بها فدلّ على أنه كان يصليها في جميع الأيام غير ذلك مسفرا بها. وقالوا ولأن الإسفار يؤدّي إلى كثرة الجماعة واتصال الصفوف ولأنه يتسع به وقت التنفل قبلها وما أفاد كثرة التنفل كان أفضل
"وأجيب" عن حديث رافع بن خديج بأن المراد بالإسفار انكشاف الفجر وظهوره فإنه يقال أسفر الفجر إذا انكشف وأضاء وأسفرت المرأة كشفت وجهها "ولا يشكل" على هذا التأويل قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإنه أعظم للأجر "ولأن هذا" يدلّ على صحة الصلاة قبل الإسفار لكن الأجر فيها أقل لأنه إذا غلب على الظنّ دخول الوقت ولم يتيقنه جاز له الصلاة وله فيها أجر وإن تيقن طلوع الفجر فهو أفضل وأعظم للأجر. أو أن الأمر بالإسفار خاصّ بالليالي المقمرة لأن أول الصبح لا يتبين فيها فأمروا بالإسفار احتياطيا (وأجيب) أيضا عن قوله في حديث ابن مسعود "وصلى الفجر قبل ميقاتها" بأن معناه أنه صلاها قبل وقتها المعتاد لها في بقية الأيام وقد صلى في هذا اليوم أول طلوع الفجر ليتسع الوقت لمناسك الحج وكان يؤخرها في غير هذا اليوم قدر ما يتوضأ المحدث ويغتسل الجنب. وجمع الطحاوي بين أحاديث التغليس وأحاديث