حديث أجمع الناس على تركه اه وقال ابن الأعرابى من كان عنده كتاب الله وسنن أبى داود لم يجتج إلى شئ معهما من العلم. ومن ثمّ صرّح الغزالى وغيره بأنه يكفى المجتهد في أحاديث الأحكام. وسنن أبى داود وجامع الترمذى ومجتبى النسائى في الطبقة الثانية من كتب الحديث بعد الصحيحين وموطأ مالك. قد عرف مصنفوها بالوثوق والعدالة والحفظ والتبحر في فنون الحديث ولم يرضوا في كتبهم هذه بالتساهل فيما اشترطوا على أنفسهم فتلقاها من بعدهم بالقبول وعلى هاتين الطبقتين اعتماد المحدّثين اه. وقال أبو داود في رسالته لأهل مكة يصف كتابه السنن هو كتاب لا يرد عليك سنة عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلا وهي فيه، ولا أعلم شيئا بعد القرآن ألزم للناس من هذا الكتاب ولا يضرّ رجلا أن لا يكتب من العلم شيئا بعد ما يكتب هذا الكتاب وإذا نظر فيه وتدبّره وتفهمه حينئذ يعلم مقداره
قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن منده شرط أبى داود والنسائى إخراج حديث أقوام لم يجمع على تركهم إذا صح الحديث باتصال السند من غير قطع ولا إرسال. وقال أبو داود في رسالته لأهل مكة سلام عليكم فإنى أحمد الله الذى لا إله إلا هو وأسأله أن يصلى على محمد عبده ورسوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم. أما بعد عافانا الله وإياكم عافية لا مكروه معها ولا عقاب بعدها فإنكم سألتموني أن أذكر لكم الأحاديث التى في كتاب السنن أهى أصح ما عرفت في الباب ووقفت على جميع ما ذكرتم، فاعلموا أنه كله كذلك إلا أن يكون قد روى من وجهين أحدهما أقوى إسنادا والآخر صاحبه أقدم في الحفظ فربما كتبت ذلك. وإذا أعدت الحديث في الباب من وجهين أو ثلاثة مع زيادة كلام فيه أو كلمة على الحديث الطويل لأنى (١) لو كتبته بطوله لم يعلم بعض من سمعه ولا يفهم موضع الفقه منه فاختصرته لذلك. أما المراسيل فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى، مثل سفيان الثورى ومالك والأوزاعى حتى جاء الشافعى فتكلم فيها وتابعه على ذلك أحمد بن حنبل وغيره. فإذا لم يكن مسند غير المراسيل فالمرسل يحتج به وليس هو مثل المتصل في القوة. وليس في كتاب السنن الذى صنفته عن رجل متروك الحديث شئ. وإذا كان فيه حديث منكر بينت أنه منكر وليس على نحوه في الباب غيره. وما كان في كتابى من حديث فيه وهن شديد فقد بينته. ومنه ما لا يصح سنده؛ وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح وبعضها أصح من بعض اه
(١) قوله لأنى لو كتبته الخ لعله علة لمحذوف تقديره اقتصرت على الزائد أو على محل الشاهد بدليل قوله فاختصرته لذلك