للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا في بزوغ الفجر. وروى مالك عن داود بن الحصين عن عبد الرحمن الأعرج قال كان القارئ يقوم بسورة البقرة في ثمان ركعات وإذا قام بها في ثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفف. وروى مالك أيضًا عن عبد الله بن أبي بكر قال سمعت أبي يقول كنا ننصرف في رمضان فنستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر. وروى محمَّد بن نصر عن أبي مجلز أنه كان يقرأ بهم سبع القرآن في كل ليلة. وقال أبو داود سئل أحمد عن الرجل يقرأ القرآن مرتين في رمضان يؤم الناس قال هذا عندي على قدر نشاط القوم وإن فيهم العمال

(فانظر هذا) وما اعتاده أئمة زماننا في صلاتهم التراويح وغيرها من الإسراع في القراءة وتقليلها وتخفيف الأركان وعدم الاطمئنان فيها وترك دعاء الاستفتاح وأذكار الأركان وترك الصلاة علي النبي صل الله عليه وآله وسلم وعلي الآل بعد التشهد وإسراعهم السلام وعدم الخشوع.

وسبب كل هذا إهمال السنن واندراسها لقلة العمل بها حتى صار العامل بها مجهلًا عند كثير من الناس بمخالفته ما عليه أهل عصره فأصبح المعروف لديهم منكرًا والمنكر معروفًا.

فأين هم من قول الله تعالى (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) وقول النبي صلى الله تعالى عليه وعلي آله وسلم صلوا كما رأيتموني أصلي رواه أحمد والبخاري. وقوله لمن كان يعبث أثناء صلاته "لو خشع قلب هذا خشعت جوارحه، رواه الترمذي عن أبي هريرة.

وقد قال عفان بن مسلم عن حماد بن سلمة وقد نظر إلى رجل يصلي فجعل يخفف صلاته فقال له أحسن صلاتك فقال إني رأيت الحسن الجفزي يخفف صلاته يعني في التظوع فقال سمعت يونس بن عبيد يقول ما استخف رجل بالتطوع إلا استخف بالفريضة.

وقال ميمون بن مهران أدركت الناس إذا قرأ "يعني الإِمام، خمسين آية قالوا إنه ليخفف, وأدركت القرّاء في رمضان يقرءون القصة منها قصرت أو طالت فأما اليوم فإني أقشعرّ من قراءة أحدهم يقرأ {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} ثم يقرأ في الركعة الأخرى {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}. {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ} ذكره محمَّد بن نصر (فعلى العاقل) أن يعمل بما كان عليه النبي صل الله تعالى عليه وعلي آله وسلم وأصحابه والسلف الصالح وأن يأمر غيره بذلك ليحشر مع الفائزين. ولا يغتر بكثرة المخالفين لذلك من أهل زمانه ولا بوقوع ذلك في كثير من المساجد بحضور من ينتسبون إلى العلم. فقد قال الفضيل بن عياض لا تستوحش طرق الهدى لقلة أهلها ولا تغتر بكثرة الهالكين

[باب في ليلة القدر]

أي فيما يدل ثبوتها. وسميت بذلك لعظم قدرها وشرفها. فالقدر الشرف والمنزلة فمن أتى فيها بالطاعات صار ذا قدر وشرف. أو أن الطاعات فيها لها قدر زائد. ويحتمل أن يكون القدر من

<<  <  ج: ص:  >  >>