يقول سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقرأ في السجدتين قبل الصبح في السجدة الأولى (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) وفي الثانية (رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) هكذا أخبرناه بلا شك. فقد اختلفت الروايات عن عبد العزيز. فرواه ابن الصباح بالشك والتنكيس وذكر (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ) آية آل عمران، في الركعة الأولى. ورواه عن عبد العزيز بن سعيد ابن منصور بلا شك ولا تنكيس وبذكر قوله تعالى (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ). آية البقرة. بدل آية آل عمران فهي الراجحة لخلوها من الشك وموافقتها نظم القرآن ورواية ابن عباس السابقة ولعل محمد بن الصباح وهم في روايته. وعلى فرض عدم وهمه فيها فتحمل على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم نكس لبيان الجواز وهو مكروه في حق غيره.
(فقه الحديث) دلّ الحديث على جواز التنكيس في القراءة في الصلاة بأن يقرأ في الركعة الثانية آية متقدمة في رسم المصحف على ما قرأ في الركعة الأولى. وقد علمت ما فيه. ودلّ على جواز الجهر بالقراءة في ركعتي الفجر لأن من أخبر بقراءته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في سنة الفجر كان يسمع قراءته. وأحاديث الباب ترد على من قال يقتصر في ركعتي الفجر على الفاتحة وعلى من قال لا يقرأ فيهما أصلًا
(وقد اختلف) العلماء فيما يقرأ في ركعتي الفجر على أقوال لاختلاف ظاهر الأدلة "الأوّل" يقرأ فيهما بالفاتحة وسورة أو آية قصيرة مما تقدم ذكره في الباب وهو قول الجمهور ورواه ابن القاسم عن مالك "الثاني" يقتصر فيهما على الفاتحة وهو مشهور مذهب المالكية. وروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص لحديث عائشة السابق "الثالث" يقتصر فيهما على قل يأيها الكافرون في الركعة الأولى وقل هو الله أحد في الركعة الثانية أو آيتين من الآيات السابقة. وهو قول بعض الظاهرية. وهو مردود بما تقدم للمصنف في باب من ترك القراءة في صلاته عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب "الرابع" لا قراءة فيهما أصلًا وهو قول أبي بكر الأصم وابن علية وبعض الظاهرية لحديث عائشة المتقدم أول الباب. وتقدم بيانه. والجهور علي استحباب تخفيف القراءة في ركعتي الفجر. وخص بعض العلماء استحباب التخفيف بمن لم يتأخرعليه بعض حزبه الذي اعتاد قراءته في الليل أما من بقي عليه شيء فيقرأه في ركعتي الفجر لما روى ابن أبى شيبة عن الحسن البصري قال لا بأس أن يطيل ركعتي الفجر يقرأ فيهما من حزبه إذا فاته. ونحوه عن مجاهد والثوري. وقال أبو حنيفة ربما قرأت في ركعتي الفجر حزبي من الليل. وروى ابن أبي شيبة أيضًا في مصنفه مرسلًا من رواية سعيد بن جبير قال كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربما أطال ركعتي الفجر. ورواه البيهقي أيضًا وفي إسناده رجل