بيرحاء وهو المشهور، وقد اختلف في ضبطه فقيل بفتح الباء وكسرها وبفتح الراء وضمها وبالمد فيها وقيل بفتحهما والقصر وهو الأفصح، وقيل إنه مركب إضافي بحركات الإعراب على الراء والإضافة إلى حاء. قال القاضي عياض رواية المغاربة إعراب الراء والقصر في حاء، وخطأ هذا الصوريّ، وعلى هذا فهي مركبة من كلمتين بير كلمة وحاء كلمة ثم صارت كلمة واحدة، واختلف في حاء هل هي اسم رجل أو امرأة أو مكان أضيفت إليه البئر، وفي رواية لمسلم بريحاء بفتح الموحدة وكسر الراء بعدها ياء ساكنة ثم حاء مهملة، قال الباجي: أفصح هذه اللغات بيرحا بفتح الباء وسكون الياء وفتح الراء مقصورا. وجزم به الصاغاني. وقال إنه فيعلا من البراح، وهي الأرض الظاهرة المنكشفة. ومن ذكره بكسر الموحدة وظن أنها بئر من آبار المدينة فقد صحف اهـ وبيرحا بستان بالمدينة أمام المسجد، ففي رواية للشيخين عن أنس قال: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالا من نخل وكان أحب أمواله إليه بيرحا، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، وفي رواية البخاري عن أنس وأن أحب أموالى إليّ بيرحاء، قال "أي أنس" وكانت حديقة كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يدخلها ويستظل فيها ويشرب من مائها، وقيل موضع بقرب المسجد يعرف بقصر بني جديلة بفتح الجيم وكسر الدال المهملة
(قوله اجعلها في قرابتك) أي اجعل الأرض في أقاربك والقرابة في الأصل مصدر يطلق على الواحدة وغيره يقال هو قرابتي وهم قرابتي، وقد اختلف في المراد بالأقارب، فقال أبو حنيفة القرابة كل ذي رحم محرم من قبل الأب والأم ما عدا الوالدين "الأب والجد والأم والجدة" والولد وولد الولد، فلا يسمون قرابة لأن الله تعالى عطف الأقربين على الوالدين في قوله "الوصية للوالدين والأقربين" والمعطوف غير المعطوف عليه. وقال أبو يوسف ومحمد القرابة كل من ينتسب إليه بواسطة أبيه أو أمه إلى أقصى أب له أدرك الإسلام ما عدا الوالدين والولد وولد الولد، وقالت الشافعية قرابة الرجل من اجتمع معه في النسب قرب أم بعد مسلمًا أو كافرًا ذكرًا أو أنثى غنيًا أو فقيرًا وارثًا أو غير وارث محرمًا أو غير محرم, ولهم في دخول الأصول والفروع في القرابة قولان، وقال أحمد في القرابة كالشافعية إلا أنه أخرج الكافر. وروى عنه أن قرابة الرجل كل من جمعه به الأب الرابع فمن دونه، وقال مالك القريب العاصب ولو غير وارث
(قوله فقسمها بين حسان إلخ) أي قسم أبو طلحة أرضه بينهما بأمر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، ففي رواية النسائي اجعلها في قرابتك في حسان بن ثابت وأبيّ بن كعب. وقد تمسك به من قال إن أقل من يعطي من الأقارب إذا لم يكونوا محصورين اثنان، وفيه نظر، فقد وقع في رواية البخاري التصريح بأنه جعلها فيهما وفي غيرهما، فقد روى من طريق عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن إسحاق