والشافعى وأحمد والليث والأوزاعى وأصحاب الحديث لا يجوز الفطر إلا فى مسيرة مرحلتين وهما ثمانية وأربعون ميلا: والخلاف فى فطر المسافر كالخلاف فى قصر المسافر الصلاة. وقد تقدم بسط ذلك فى "باب متى يقصر المسافر" فكل سفر مبيح لقصر الصلاة فهو مبيح لفطر الصائم (وأجاب) الجمهور عن حديث الباب بأن قوله فيه "على قدر قرية عقبة من الفسطاط" ليس غاية السفر، بل هو غاية الخروج، أى خرج فلما انتهى إلى ذلك المحل أفطر ولم يبين فيه غاية السفر فلعله كان قاصدا موضعا آخر أبعد منه "ولا يقال" إن قرية مزة كانت وطنا له ومسكنا، فاليوم الذي خرج منها فيه لم يجز له الفطر، لأنه كان صائما فى أول النهار "لأنا نقول" يحتمل أن دحية خرج من قريته مزة مسافرا قبيل الفجر، فلما بلغ مسافة قدر عقبة من الفسطاط. أى ثلاثة أميال أظهر الإفطار، وأيضا فإن دحية لم يذكر أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أفطر فى قصير السفر، إنما قال إن قوما رغبوا عن هدى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم, ولعلهم إنما رغبوا عن العمل برخصة الإفطار فى السفر كما تقدم
(والحديث) أخرجه أيضا أحمد والطحاوى والبيهقى وقال قال الليث: الأمر الذى اجتمع الناس عليه ألا يقصروا الصلاة ولا يفطروا إلا فى مسيرة أربعة برد فى كل بريد اثنى عشر ميلا وقال البيهقى قد روينا فى كتاب الصلاة ما دل على هذا عن ابن عباس وابن عمر اهـ وفى سنده منصور الكلبى قال فيه ابن المدينى مجهول، ولكن وثقه العجلى وهو المراد بقول الخطابى: وليس الحديث بالقوى، وفى إسناده رجل ليس بالمشهور
(ش)(المعتمر) بن سليمان. و (عبيد الله) بن عمر العمرى
(قوله كان يخرج إلى الغابة فلا يفطر ولا يقصر) أى لا يفطر من صومه ولا يقصر الصلاة. والغابة موضع قريب من المدينة من ناحية الشام فيه أموال لأهل المدينة على بريد منها. وابن عمر كان لا يرى الفطر وقصر الصلاة فى هذه المسافة (وهذا الأثر) أخرجه أيضا البيهقى