للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن عدم أخذ المعيب عام في جميع المواشي وليس هذه القيد في رواية البخاري

(قوله ولا تيس الغنم) بفتح التاء وسكون الياء أي لا يؤخذ فحل الغنم إذا كانت كلها أو بعضها إناثًا لقلة الرغبة فيه لعدم سمنه أو لأن المالك يتضرر بأخذه لأنه أعده للنزو على الإناث. أما إذا كانت كل الغنم ذكورًا فيؤخذ التيس. وقيد بالغنم لأن الذكر من غيرها قد يؤخذ. فإن التبيع يؤخذ في البقر اتفاقًا، وكذا المسن عند الحنفية. وابن اللبون يؤخذ عن خمس وعشرين من الإبل عند عدم بنت المخاض

(قوله إلا أن يشاء المصدق) بفتح الصاد والدال المشددتين على ما اختاره أبو عبيد وضبطه أبو موسى بكسر الدال وهو رب الماشية. فالاستثناء فيه راجع إلى قوله ولا تيس الغنم أي لا يؤخذ تيس الغنم إلا أن يشاء المالك إعطاءه لأن أخذه بغير اختياره يضر بمصلحته وضبطه جمهور المحدثين بكسر الدال مع تخفيف الصاد وهو الساعي. فيكون الاستثناء راجعًا إلى الجميع أي لا تؤخذ الهرمة ولا ذات العيب ولا تيس الغنم إلا أن يشاء الساعي أخذ واحد مما ذكر بأن يرى أنه أنفع للفقراء. ويكون هذا تفويضًا منه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم للساعي في اجتهاده لقيامه مقام الإِمام

(قوله ولا يجمع بين مفترق الخ) ببناء الفعل للمفعول وتقديم الفاء على التاء المخففة من الافتراق. وفي رواية متفرق بتقديم التاء على الفاء وتشديد الراء.

وقوله ولا يفرق بتخفيف الراء وتشديدها، وقوله خشية الصدقة منصوب على التعليل راجع إلى الجملتين قبله أي لا يجوز لأرباب المواشي الجمع بين متفرق أموالهم ولا تفريق المجتمع منها مخافة وجوب الصدقة عليهم أو كثرتها. وذلك كأن يكون لشخص أربعون شاة ولآخر أربعون ولثالث أربعون فيجمعونها ليكون فيها شاة واحدة بدل ثلاث شياه وهذا جمع المتفرق. أما تفريق المجتمع فصورته أن يكون خليطان لكل واحد مائة شاة وشاة فيكون الواجب عليهما ثلاث شياه فيفترقان عند طلب الساعي الزكاة، فيكون على كل واحد منهما شاة واحدة. ونهوا عن ذلك لأنه هروب عن الحق الواجب وإجحاف بالفقير.

ولا يجوز أيضًا للساعي أن يفرق المجتمع لكثرة الصدقة أو يجمع بين المفترق لتحققها أو زيادتها. وذلك كأن يكون لكل من الخليطين أربعون فيفرق بينهما ليأخذ من كل واحد شاة بعد أن كان عليهما شاة واحدة، أو يكون لواحد عشرون ولآخر كذلك فيأمر بجمعها ليأخذ الصدقة منهما، أو يكون لشخص مائة شاة وشاة ولآخر مثله فيأمر الساعي بجمعها ليأخذ ثلاث شياه بدل شاتين.

فقوله خشية الصدقة راجع لأرباب المواشي والساعى كما علمت. ومحل النهى عن الجمع والتفريق خشية الزكاة في الجنس الواحد. ومن الجنس الواحد الضأن والمعز، والبقر والجاموس، والبخت والعراب من الإبل. والبخت هو المتولد بين عربي وعجمي فلا يدخل في ما اختلف جنسه فمن كان عنده دون نصاب من البقر ودون نصاب من الغنم مثلًا لا يضم بعضه إلى بعض اتفاقًا كى يصير نصابًا تجب فيه الزكاة. ومحل النهي

<<  <  ج: ص:  >  >>