شرفهم والاهتمام بهم وإن كان الوتر مشروعًا في حق الجميع
(قوله فإن الله وتر) أي واحد في ذاته فلا يقبل الانقسام وواحد في صفاته فلا شبه له ولا مثل له وواحد في أفعاله فلا شريك له ولا معين
(قوله يحب الوتر) يعني يقبله من فاعله ويثيب عليه. والأمر في الحديث محمول على السنية عند جمهور الصحابة والتابعين فمن بعدهم حتى قال القاضي أبو الطيب هو قول العلماء كافة. وقال الشيخ أبو حامد في تعليقه الوتر سنة مؤكدة ليس بفرض ولا واجب. وبه قالت الأئمة إلا أبا حنيفة اهـ.
ويؤيد صرف الأمر عن الوجوب
ما رواه أحمد والترمذي والحاكم واللفظ له من طريق عاصم بن ضمرة قال قال عليّ إن الوتر ليس بختم كصلاتكم المكتوبة ولكن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أوتر ثم قال يأهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر.
وما رواه الحاكم أيضًا عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال ثلاث هن عليّ فرائض ولكم تطوع النحر والوتر وركعتا الفجر.
وما رواه أيضًا عن عبد الرحمن بن أبي عمرة النجاري أنه سأل عبادة بن الصامت عن الوتر فقال أمر حسن عمل به النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم والمسلمون من بعده وليس بواجب وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
ومنها حديث الأعرابي الذي سأل النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن الإِسلام فقال خمس صلوات كتبهن الله في اليوم والليلة, فقال هل عليّ غيرها قال لا إلا أن تطوع "الحديث"
وقال أبو حنيفة الوتر واجب, واستدل بما رواه البزار عن ابن مسعود مرفوعًا بلفظ "الوتر واجب على كل مسلم" وفي إسناده جابر الجعفي وقد ضعفه غير واحد. وبما سيأتي للمصنف في الباب الآتي عن بريدة مرفوعًا "الوتر حقًا على كل مسلم الخ" وسيأتي بيان ما فيه.
وبما سيأتي للمصنف أيضًا في باب في الدعاء بعد الوتر عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا "من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره" قال والأمر فيه للوجوب ووجوب القضاء فرع وجوب الأداء.
وبما رواه أحمد مرفوعًا بلفظ. إن الله زادكم صلاة وهي الوتر فصلوها فيما بين العشاء إلى الفجر. قال والزيادة تكون من جنس المزيد عليه, ولا جائز أن تكون زائدة على النفل لأنه غير محصور فلا تتحقق الزيادة عليه.
وفيما قاله نظر لأنه لو كان المزيد لا بد أن يكون من جنس المزيد عليه لكان الوتر فرضًا وهو لا يقول به.
وقوله لا جائز أن يكون زائدًا على النفل مسلم في النفل المطلق أما في المؤقت كراتبة الفرائض فغير مسلم لأنها محصورة فلا مانع من أن يكون زائدًا عليها وهو أيضًا مؤقت. ويحتمل أن يقال إن المراد بالزيادة في الحديث الزيادة في الخير وصلاة الوتر نوع منه, ويؤيده الرواية المذكورة بعده
(إن الله قد أمركم بصلاة هي خير من حمر النعم وهي الوتر) وليس المراد أنها زائدة على الفرائض وإلا كانت ستًا ولا قائل له. وقال السيوطي المراد زادكم صلاة لم تكونوا