للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الرحمة والشفقة بأن عافى الله ابنه ابنته فخلصت من تلك الشدة وعاشت حتى تزوجها علي ابن أبي طالب بعد وفاة فاطمة ثم عاشت عند علي حتى قتل عنها

(قوله ما هذا) وفي رواية أبي نعيم أتبكي وتنهى عن البكاء؟ وهذا تعجب من سعد واستغراب كأنه ظن أن كل أنواع البكاء حرام وأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قد نسي فأخبره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن مجرد البكاء بلا صوت ولا نوح ليس بحرام

(قوله إنها رحمة الخ) أي أن هذه الدموع أثر رحمة يجعلها الله تعالى في قلوب من يشاء من عبادة من غير تعمد منهم ولا استدعاء. وهذا ليس بمنهي عنه وإنما المنهي عنه الجزع وعدم الصبر

(قوله وإنما يرحم الله من عبادة الرحماء) أي لا يرحم الله تعالى من عبادة إلا كثير الرحمة, فالرحماء جمع رحيم وهو من صيغ المبالغة ومقتضاه أن رحمة الله تعالى تختص بكثير الرحمة. ويشكل عليه ما رواه أبو داود وأحمد والنسائي والحاكم من حديث عبد الله بن عمرو "الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" والراحمون جمع راحم وهو يصدق بقليل الرحمة وكثيرها. ويمكن الجواب بأن الرحماء في حديث الباب جمع رحيم بمعنى راحم لا خصوص كثير الرحمة قوله تعالى. وما ربك بظلام للعبيد. أي بظلام أو بأن لفظ الجلالة دل على العظمة, وقد عرف بالاستقراء أنه حيث ورد يكون الكلام مسوقًا للتعظيم, فلما ذكر هنا ناسب ذكر من كثرت رحمته وعظمته ليكون الكلام جاريًا على نسق التعظيم بخلاف حديث (الراحمون يرحمهم الرحمن) فإن لفظ الرحمن قال على العفو فناسب أن يذكر معه كل ذي رحمة وإن قلت

(فقه الحديث) دل الحديث على مشروعية استحضار ذوي الفضل عند المحتضر لرجاء بركتهم ودعائهم وجواز القسم عليهم في ذلك واستحباب إبراره. وعلى مشروعية بدء الرسالة الشفوية بالسلام. وعلى مشروعية تسلية صاحب المصيبة قبل وقوع الموت ليقع وهو مستشعر بالرضا مقاوم للحزن بالصبر. وعلى مشروعية عياده المريض ولو صغيرًا. وعلى جواز البكاء من غير نوح. وعلى مشروعية استفهام التابع من متبوعه عما يشكل عليه مما يتعارض مع ظاهر الأدلة وعلى الترغيب في الشفقة على خلق الله تعالى والرحمة لهم والترهيب من قساوة القلب

(والحديث) أخرجه أيضًا أحمد والبخاري ومسلم والبيهقي والنسائي وابن ماجه

(ص) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ نَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- "وُلِدَ لِيَ اللَّيْلَةَ غُلاَمٌ فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ". فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ أَنَسٌ لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَكِيدُ بِنَفْسِهِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>