تمر بين ستين مسكينا" ولما روى أحمد أنّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لأوس "فليطعم ستين مسكينا وسقا من تمر" وتقدّم أنّ الوسق ستون صاعا (وذكر) صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هذه الخصال الثلاثة، لاشتمالها على حق الله وهو الصوم، وحق الأرقاء وهو العتق، وحق الأحرار وهو الإطعام (والحكمة فيها) أنّ من انتهك حرمة الصوم بالجماع فقد أهلك نفسه بالمعصية، فناسب أن يفدى نفسه: إمّا بعتق رقبة لحديث "من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله له بكل عضو منها عضوا منه من النار حتى فرجه بفرجه" أخرجه البخارى ومسلم. وإمّا بالصوم لأنّ فيه مقابلة بجنس الجناية، وكان شهرين؛ لأنه لما أفسد يوما كان كمن أفسد الشهر كله؛ لأنه كعبادة واحدة فكلف بشهرين على سبيل المضاعفة زجرا له، وإمّا بالإطعام لأنّ فيه مقابلة كل يوم من الستين بإطعام مسكين
(قوله اجلس) أمره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالجلوس لاحتمال انتظار ما يوحى إليه فى شأنه، أو لاحتمال أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عرف أنه سيؤتى بشئ يعينه به
(قوله فأتى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعرق الخ) بالبناء للمجهول عند أكثر المحدّثين. والآتى بالعرق لم يسم. ووقع فى رواية البخارى عن معمر فى الكفارات فجاء رجل من الأنصار. "وما عند الدارقطنى" من طريق داود بن أبى هند عن سعيد ابن المسيب مرسلا فأتى رجل من ثقيف "يحمل" على أن الثقفى كان حليفا للأنصار وإلا فترجح رواية البخارى. والعرق بفتح العين المهملة والراء وقيل بإسكانها، المكتل الضخم سمى عرقا لأنه يضفر عرقة عرقة. والعرقة بفتحتين الضفيرة من الخوص وجمعها عرق كعلقة وعلق. وجاء فى رواية للبخارى "فأتى بزنبيل وهو المكتل" وهو (المقطف الكبير) فى عرف العامة وفى رواية لمسلم عن عائشة "فجاءه عرقان فيهما طعام" والمشهور فى غيرها من الروايات عرق بالإفراد ورجحه البيهقى (قال فى الفتح) وجمع غير البيهقى بينهما بأنّ الواقعة متعدّدة. وهو جمع لا نرضاه لاتحاد مخرج الحديث. والأصل عدم التعدّد. والذى يظهر أنّ التمر كان قدر عرق لكنه كان فى عرقين فى حال التحميل على الدابة ليكون أسهل فى الحمل، فيحتمل أنّ الآتى به لما وصل أفرغ أحدهما فى الآخر. فمن قال عرقان أراد ابتداء الحال. ومن قال عرق أراد ما آل إليه اهـ
(قوله فقال تصدّق به) أى ملكتك إياه فتصدّق به. ففيه تمليك ضمنى وفى رواية للبخارى "قال فأين السائل؟ فقال أنا. قال خذ هذا فتصدّق به" وفى رواية له "فتصدّق به عن نفسك"
(قوله ما بين لابتيها أهل بيت الخ) اللابتان بالباء الموحدة تثنية لابة وهى الحرّة. والحرّة أرض ذات حجارة سود. وهاتان اللابتان يكتنفان المدينة. وأهل مرفوع اسم ما النافية وأفقر خبرها منصوب. ويصح رفعه على لغة تميم. وفى رواية للبخارى فى الأدب "والذى نفسى بيده ما بين طنبى المدينة" بضم الطاء المهملة تثنية طنب. وهو أحد أطناب الخيمة. أراد به الطرف. وفى رواية للبخارى