(ش)(قوله خرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يعود عبد الله الخ) وذلك حين أرسل إليه ابنه عبد الله كما في رواية عبد الرزاق والطبري من حديث قتادة قال: أرسل عبد الله بن أبيّ إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فلما دخل عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال له أهلكك حب يهود فقال يا رسول الله إنما أرسلت إليك لتستغفر لي ولم أرسل إليك لتوبخني ثم سأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه فأجابه. وهو مرسل لكن رجاله ثقات
(قوله قد كنت أنهاك عن حب يهود الخ) أي وحبهم حملك على النفاق فتموت عليه ولا تنجو بالإِسلام اللساني من عذاب الله. ولعل غرضه صلى الله عليه وعلى آله وسلم استنهاضه للتوبة لا مجرد التوبيخ فلم يتب بل قال قد أبغض اليهود أسعد بن زرارة فما حصل له ببغضهم؟ وما أفاده شيئًا ولو أفاده لما مات. فمه اسم استفهام إنكاري بمعنى النفي حذفت ألفها، والهاء للسكت. وقال ذلك لقصور نظره حيث فهم أن الضرر في الموت والنفع في الخلاص منه. وخص أسعد لأنه أول من قدم المدينة مسلمًا وكان رضي الله تعالى عنه نقيبًا على قبيلته بني النجار، وأول من صلى الجمعة بالمدينة قبل مقدم رسول الله تعالى عليه وعلى آله وسلم، ومن كانت هذه صفاته يكون أشد عداوة لليهود
(قوله فلما مات الخ) أي لما مات ابن أبيّ أتى ابنه عبد الله النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وكان اسمه الحباب فسماه النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عبد الله.
فقد روى الطبري من طريق الشعبي قال: لما احتضر عبد الله جاء ابنه عبد الله إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال يا نبي الله إن أبي قد احتضر فأحب أن تشهده وتصلي عليه قال ما اسمك؟ قال الحباب قال بل أنت عبد الله. الحباب اسم الشيطان. وكان من فضلاء الصحابة شهد بدرًا وما بعدها.
وأخرج ابن منده من حديث أبي هريرة بإسناد حسن أنه بلغه بعض مقالات أبيه فجاء إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يستأذنه في قتله قال بل أحسن صحبته ولذا كان أبر الناس بأبيه حيًا وميتًا
(قوله فأعطاه إياه) وأعطاه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قميصه مع علمه بنفاق أبيه إجراء له على ظاهر حكم الإِسلام وإكرامًا لولده الذي تحقق إيمانه وتأليفًا لقومه لرياسته