أقوى لأن الثاني فيه رجل مجهول. وقد صحح الأول ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وفي رواية للحاكم التصريح برفعه (والحديث يدلّ) على النهى عن ارتفاع الإمام عن المأمومين مطلقا سواء أقصد به التعليم أم لا وبه قالت الحنابلة قالوا ومحلّ الكراهة إذا كان العلوّ كثيرا ذراعا فأكثر قالوا ولا بأس بعلوّ يسير كدرجة منبر ونحوها مما دون الذراع جمعا بين ما رواه أبو داود عن حذيفة وبين حديث سهل أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى على المنبر ثم نزل القهقرى فسجد وسجد معه الناس ثم عاد حتى فرغ ثم قال إنى فعلت هذا لتأتموا بى ولتعلموا صلاتى متفق عليه. والظاهر أنه كان على الدرجة السفلى لئلا يحتاج إلى عمل كثير في الصعود والنزول فيكون ارتفاعا يسيرا (وذهبت) الحنفية إلى كراهة ارتفاع الإمام وحده عن المأمومين قالوا لأنه يشبه صنيع أهل الكتاب من حيث تخصيص الإمام بالمكان. أما إذا كان معه أحد من المأمومين فلا كراهة فيه (قال) ابن الهمام واختلف في مقدار الارتفاع الذى تتعلق به الكراهة فقيل قدر القامة وقيل قدر ما يقع به الامتياز وقيل ذراع كالسترة وهو المختار قال والوجه أوجهية الثانى لأن الموجب وهو شبه الازدراء يتحقق فيه اهـ (وذهبت) الشافعية إلى الكراهة أيضا إلا إذا دعت الضرورة إليه كالتعليم فلا يكره وبه قالت المالكية وقالوا إن قصد يعلوّه الكبر بطلت صلاته والكراهة متفق عليها عندهم إذا كان الإمام وحده فإن كان معه جماعة من المأمومين ففيه خلاف والمعوّل عليه الكراهة وقالوا يغتفر العلوّ اليسير كالشبر والذراع (والظاهر) من الأدلة كراهة ارتفاع الإمام على المؤتمين من غير فرق بين المسجد وغيره وبين القامة ودونها وفوقها إلا لقصد التعليم كما يدلّ عليه قوله في حديث الشيخين المتقدّم ولتعلموا صلاتي (قال) ابن دقيق العيد من أراد أن يستدلّ بحديث صلاته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على المنبر على جواز الارتفاع من غير قصد التعليم لم يستقم لأن اللفظ لا يتناوله ولانفراد الأصل بوصف معتبر تقتضى المناسبة اعتباره فلا بدّ منه اهـ (قال في النيل) على أنه قد تقرّر في الأصول أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا نهى عن شئ نهيا يشمله بطريق الظهور ثم فعل ما يخالفه كان الفعل مخصصا له من العموم دون غيره حيث لم يقم دليل على التأسى به في ذلك الفعل فلا تكون صلاته على المنبر معارضة للنهى عن الارتفاع باعتبار الأمة. وهذا على فرض تأخر صلاته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على المنبر عن النهى عن الارتفاع وعلى فرض تقدمها أو التباس المتقدم من المتأخر فيه الخلاف المعروف في الأصول في التخصيص بالمتقدم والملتبس اهـ أما ارتفاع المأموم على إمامه فذهبت الشافعية والحنفية إلى كراهته أيضا وقالوا إذا كره ارتفاع الإمام على مأمومه فكراهة ارتفاع المأموم على إمامه أولى (وذهبت) الحنابلة والمالكية إلى عدم كراهة ذلك (وقالت المالكية) إذا قصد المأموم بارتفاعه الكبر