لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله. واستثنوا أيضًا سجدة تلاوة تليت آيتها في وقت من هذه الأوقات فإنها تؤدي فيه بلا كراهة لأنها أدّيت كما وجبت لكن الأفضل تأخيرها لتؤدى في الوقت المستحب لأنها لا تفوت بالتأخير.
وقد فرقوا بين الصبح والعصر حيث قالوا بعدم صحة أداء الصبح وقت الطلوع وبصحة أداء العصر وقت الغروب بما تقدم في حديث أبي هريرة في باب وقت العصر صفحة ٣٣٣ من الجزء الثالث.
ولكنه فرق لا وجه له بعد أن سوّى بينهما النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر رواه البخاري وغيره كما تقدم هناك ..
واستثنى أبو يوسف أيضًا التنفل يوم الجمعة وقت الاستواء مستدلًا بأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ندب الناس إلى التبكير يوم الجمعة ورغب في الصلاة إلى خروج الإمام كما تقدم وعليه الإجماع وجعل الغاية خروج الإمام وهو لا يخرج إلا بعد الزوال فدل على عدم الكراهة وجاء فيه حديث أبي قتادة مرفوعًا أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة وقال إن جهنم تسجر إلا يوم الجمعة رواه المصنف في باب الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال، وفيه انقطاع لأنه من رواية أبي الخليل عن أبي قتادة ولم يسمع منه وفي سنده الليث بن أبي سليم وهو ضعيف وقد ذكر له البيهقي شواهد ضعيفة يقوى بها
(وقالت الحنابلة) لا ينعقد النفل مطلقًا في هذه الأوقات الثلاثة حتى ما له سبب كسجود تلاوة وشكر وصلاة كسوف وتحية مسجد لعموم أدلة النهي. ولا فرق في ذلك بين مكة وغيرها ولا يوم الجمعة وغيره إلا تحية المسجد يوم الجمعة فإنهم قالوا بجواز فعلها بلا كراهة وقت الاستواء وحال الخطبة لحديث أبي قتادة المتقدم. وفيه أنه يفيد إباحة الصلاة مطلقًا وقت الاستواء يوم الجمعة وهم لا يقولون إلا بإباحة تحية المسجد حينئذ، ويحرم عندهم أيضًا صلاة الجنازة في هذه الأوقات إلا إن خيف عليها التغير فتجوز للضرورة، وقالوا يجوز بلا كراهة في هذه الأوقات قضاء الفرائض لحديث من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها وجعلوه مخصصًا لأحاديث النهي
"قال في النيل" وهو تحكم لأنه أعم منها من وجه وأخص من وجه وليس أحد العمومين أولى بالتخصيص من الآخر. وكذلك الكلام في فعل الصلاة المفروضة في هذه الاوقات أداء إلا أن حديث من أدرك من الفجر ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر أخص من أحاديث النهي مطلقًا فيقدم عليها اهـ
وجوّزوا أيضًا في هذه الأوقات الصلاة المنذورة ولو كان نذرها فيها بأن قال لله علي أن أصلي ركعتين عند طلوع الشمس مثلًا لأنها صلاة واجبة فأشبهت الفرائض. وقد علمت أن دليلهم في قضاء الفرائض لا ينهض. وأباحوا أيضًا تأدية ركعتي الطواف ولو نفلًا في كل وقت