للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشروع في الاعتكاف من صبح العشرين استظهارا باليوم الأول، ولا مانع منه، وكلام الجمهور لا ينافيه، فإنهم ما تعرضوا له إثباتا ولا نفيا (وهذا) فى غير المنذور. أما المنذور فقال أبو حنيفة ومالك والشافعى: يدخل قبل غروب الشمس إذا نذر اعتكاف شهر مثلا. وبه قال مالك فيمن نذر يوما أيضا (وقال) الشافعى يدخل قبل طلوع الفجر ويخرج بعد غروب شمسه. وفرق أبو ثور بين نذر الليالى والأيام. فقال إذا نذر أن يعتكف عشرة أيام دخل قبل طلوع الفجر. وإذا نذر عشر ليال دخل قبل غروب الشمس. قال ابن رشد فى البداية: السبب فى اختلافهم معارضة الأقيسة بعضها بعضا ومعارضة الأثر لجميعها. وذلك أن من رأى أن أول الشهر ليلة واعتبر الليالى قال: يدخل قبل مغيب الشمس. ومن لم يعتبر الليالى قال يدخل قبل الفجر. ومن رأى أن اسم اليوم يقع على الليل والنهار معا أوجب إن نذر يوما أن يدخل قبل غروب الشمس. ومن رأى أنه إنما ينطلق على النهار أوجب الدخول قبل طلوع الفجر. ومن رأى أن اسم اليوم خاص بالنهار واسم الليل بالليل فرق بين أن ينذر أياما أو ليالى (والحق) أن اسم اليوم فى كلام الغرب قد يقال على النهار مفردا وقد يقال على الليل والنهار معا، لكن يشبه أن يكون دلالته الأولى إنما على النهار ودلالته على الليل بطريق اللزوم (وأما الأثر) المخالف لهذه الأقيسة كلها فهو ما أخرجه البخارى وغيره من أهل الصحيح عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يعتكف فى رمضان، وإذا صلى الغداة دخل مكانه الذى كان يعتكف فيه (وأما وقت خروجه) فعند مالك يستحب لمعتكف العشر الأواخر من رمضان البقاء فى المسجد حتى يخرج منه إلى صلاة العيد وإن خرج بعد غروب الشمس أجزأه (وقال أبو حنيفة والشافعى) يخرج بعد غروب الشمس. وقال سحنون وابن الماجشون إن رجع إلى بيته قبل صلاة العيد فسد اعتكافه (وسبب) الاختلاف هل الليلة الباقية هى من حكم العشر أم لا اهـ بتصرف

(قوله فأمر ببنائه فضرب) أى أمر بخيمته التى يعتكف فيها فنصبت له، وفى رواية البخارى فكنت أضرب له خباء

(قوله أمرت ببنائى فضرب) أى بعد أن استأذنت النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأذن لها. ففى رواية للبخارى فاستأذنت عائشة أن تعتكف فأذن لها فضربت قبة، فسمعت بها حفصة فضربت قبة، وفى رواية للنسائى ثم استأذنته حفصة فأذن لها، وفى رواية للبخارى وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت ولا تنافى بينهما لحمل قوله فى رواية النسائى ثم استأذنته حفصة على معنى استأذنته بواسطة عائشة

(قوله وأمر غيرى من أزواج النبى ببنائها) أى بقبتها، وفى نسخة ببنائه بالتذكير باعتبار أن المرجع لفظ غيرى. والمراد بالغير حفصة وزينب كما فى رواية للبخارى من طريق محمد بن فضيل عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت: كان رسول الله صىل الله، تعالى عليه وعلى آله وسلم يعتكف فى كل رمضان فإذا صلى الغداة دخل مكانه الذى اعتكف فيه فاستأذنته

<<  <  ج: ص:  >  >>