من القرآن العزيز والمذكور من الدعوات والأذكار، ولا نريد بما يتعلق بأمر الآخرة كل أمر محمود أو مندوب إليه فإن كثيرا من ذلك لا يتعلق بأمر الصلاة فإدخاله فيها أجنبى عنها
(قوله غفر الله له ما تقدّم من ذنبه) الذنب الإثم والمعصية فإن توعد عليه كان كبيرا وإلا فصغيرا (وظاهر) الحديث يعمّ غفران الصغائر والكبائر لكن خصه العلماء بالصغائر لما رواه مسلم عن عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قال سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذبوب ما لم تؤت كبيرة وذلك الدهر كله، فهذا صريح في الذنوب الصغائر، وحديث الباب مطلق فحملوا المطلق على المقيد (قال) الحافظ في الفتح هو في حق من له كبائر وصغائر، من ليس له إلا الصغائر كفرت عنه ومن ليس له إلا كبائر خفف عنه منها بقدر ما لصاحب الصغائر ومن ليس له صغائر ولا كبائر يزاد في حسناته بنظير ذلك اهـ ومثله لابن دقيق العيد "فإن قيل" إذا كان الوضوء وحده مكفرا للصغائر كما في حديث عثمان الآخر الذى فيه "خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره" فما الذى يكفره الوضوء مع صلاة النافلة كما في حديث الباب وإذا كانت هذه مكفرة أيضا فما الذى تكفره المكتوبات "فجوابه" أن جميع ما ذكر صالح للتكفير فإن صادف بشئ منها شيئا من الذنوب المذكورة كفره وإلا كفر بقدرها من الكبائر فإن لم يوجد شئ من الصغائر ولا من الكبائر زيد، في حسناته كما تقدّم.
(فقه الحديث) دلّ الحديث على استحباب غسل الكفين ثلاثا في ابتداء الوضوء سواء أقام من النوم أم لا، وعلى أن المستحب تثليث الغسل ولو في الرجلين، وعلى أن التعليم بالفعل مطلوب لكونه أبلغ وأضبط للمتعلم، وعلى الترغيب في الإخلاص في الصلاة، وعلى التحذير من التفكر في أمور الدنيا في أثنائها لما يترتب عليه من حرمان الثواب أو عدم القبول، وعلى أنه يطلب من المعلم أن يدلل على فعله أو قوله ليكون أدعى إلى القبول. وعلى أنه يطلب صلاة ركعتين عقب الوضوء (قال) النووى في شرح مسلم وفي الحديث استحباب صلاة ركعتين فأكثر عقب كل وضوء وهو سنة مؤكدة قال جماعة من أصحابنا ويفعل هذه الصلاة في أوقات النهى وغيرها لأن لها سببا واستدلوا بحديث بلال رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ المخرّج في صحيح البخارى أنه كان متى توضأ صلى وقال إنه أرجى عمل له ولو صلى فريضة أو نافلة مقصودة حصلت له هذه الفضيلة كما تحصل تحية المسجد بذلك اهـ والجمهور على أن تلك الصلاة من السنن غير المؤكدة وأنها لا تفعل في أوقات النهى حملا لأحاديث النهى على إطلاقها، ودلّ الحديث أيضا على أن الحسنات يذهبن السيئات. وعلى الحث على فعل الطاعات لأنها وسيلة إلى حصول الغفران والرحمات. وعلى الترتيب بين أعضاء الوضوء لما فيه من التعبير بثمّ المقتضية له (واختلف) العلماء في حكم الترتيب فذهبت الشافعية إلى وجوبه في الأركان