لا يروى خلاف في ذلك ولكن قال الشيخ أبو منصور ما محصله إن أدى السحر إلى ما يخل بالإيمان فهو كفر وإلا فلا
(وقالت المالكية) هو كلام مؤلف يعظم به غير الله تعالى وتنسب إليه المقادير والكائنات , قال مالك وأصحابه رضي الله عنهم: الساحر كافر بالله تعالى فإذا سحر هو بنفسه قتل ولا يستتاب: لما أخرجه أحمد وعبد الرازق والبيهقي أن عمر رضي الله عنه قال اقتلوا كل ساحر وساحرة فقتلوا ثلاث سواحر. ولحديث جندب قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "حد الساحر ضربه بالسيف "رواه الترمذي وقال الصحيح عن جندب موقوفًا, والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وعلى اله وسلم وغيرهم ولما رواه مالك في الموطأ عن محمَّد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أنه بلغه أن حفصة زوج النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قتلت جاريه لها سحرتها وقد كانت دبرتها فأمرت بها فقتلت. قال الباجي وقد روى نافع عن ابن عمر أن جارية لحفصة سحرت حفصة فوجدوا سحرها فاعترفت على نفسها فأمرت حفصة عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب فقتلها فبلغ ذلك عثمان رضي الله عنه فأنكره فأتاه بن عمر فقال أنها سحرتها ووجدوا معها سحرها فاعترفت على نفسها فكأن عثمان أنكر عليها ما فعلت دون السلطان, فالساحر وإن كان يجب قتله فإنه لا يلي ذلك إلا السلطان
(وقال أبو حنيفة) في المشهور عنه أن الساحر يقتل مطلقًا إذا علم أنه ساحر ولا يقبل قوله أترك السحر وأتوب عنه لما تقدم من الأدله, فإن أقر بأني كنت أسحر مدة وقد تركت منذ زمان قبل منه ولم يقتل
(وقالت الحنابلة) السحر عقد ورقي وكلام يتكلم به فاعله أو يكتبه أو يعمل شيئًا يؤثر في بدن مسحور أو قبله أو عقله من غير مباشرة له, وله حقيقة, فمنه ما يقتل ومنه ما يمرض ومنه ما يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه عن وطئها, ومنه ما يفرق به بين المرء وزوجه وما يبغض أحدهما في الآخر أو يحببه لقوله تعالى {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} إلى {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} وحديث عائشة أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سحر حتى إنه يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله وروى من أخبار السحرة ما لا يمكن التواطؤ على الكذب فيه, ولا يلزم منه إبطال معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لأن السحر لا يبلغ ما تأتي به الأنبياء من المعجزات فلا ينتهى إلى أن تسعى العصي والحبال وإن توهم ذلك: إنما يكون خيالًا فقط كما نطق بذلك القرآن الكريم, ويحرم تعلمه وتعليمه, وقد يكون كفرًا لمن اعتقد حله للإجماع على تحريمه بالكتاب والسنه, أو يعتقد أنه يعلم الأمور المغيبه, ويجوز حل السحر بالقرآن والذكر والكلام الذي لا بأس به
(وقال الشافعي) إنما يقتل الساحر إذا كان يعمل في سحره ما يبلغ به الكفر, فإذا عمل عملًا دون الكفر فلم نر عليه قتلًا
(وقال في روح المعاني) اختلف في تعليمه وتعلمه فقيل كفر لقوله تعالى {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى