للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ش) (قوله فرضت الصلاة ركعتين ركعتين) أي فرض الله تعالى الصلوات المكتوبة ليلة الإسراء ركعتين ركعتين يعني إلا المغرب جاء مصرّحا به في رواية أحمد، وكرّر لفظ ركعتين لإفادة عموم التثنية لكل صلاة

(قوله فأقرّت صلاة السفر الخ) يعني بقيت ركعتين وزيد في صلاة الحضر بعد الهجرة كما جاء في رواية للبخاري عن عائشة قالت فرضت الصلاة ركعتين ثم هاجر صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ففرضت أربعًا. والزيادة في غير الصبح والمغرب كما رواه ابن حبان وابن خزيمة والبيهقي من طريق الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت فرضت صلاة الحضر والسفر ركعتين ركعتين فلما قدم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم المدينة واطمأن زيد في صلاة الحضر ركعتان ركعتان وتركت صلاة الفجر لطول القراءة فيها وصلاة المغرب لأنها وتر النهار

(والحديث) صريح في أن صلاة السفر فرضت ركعتين فهي عزيمة وهو قول عمر وعلى وابن عباس وابن مسعود وابن عمر وجابر. وبه قالت الحنفية واستدلوا بحديث الباب وبما رواه النسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه عن عمر بن الخطاب قال صلاة السفر ركعتان وصلاة الأضحى ركعتان وصلاة الفطر ركعتان وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم محمَّد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقد خاب من افترى وبما روى عن ابن عمر أنه قال صحبت النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في السفر فكان لا يزيد على ركعتين وأبا بكر وعمر وعثمان كذلك. وعن ابن عباس مثله. قالوا وكل من روى صلاته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في السفر روى القصر فلو كان فرض المسافر أربعًا لما تركه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم دائمًا (وذهب مالك) في المشهور عنه إلى أن القصر رخصة وأن الصلاة فرضت أربعًا، وبه قالت الشافعية وهو قول عثمان وسعد بن أبي وقاص وعائشة والحسن البصري وأحمد وأبي ثور وداود. قال النووي وهو مذهب أكثر العلماء ورواه البيهقي عن سلمان الفارسي في اثنى عشر من الصحابة وعن أنس والمسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود وابن المسيب وأبي قلابة اهـ

واستدل هؤلاء بقول الله تعالى (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ في الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ ... الآية) "قالوا لأن نفي الجناح لا يستعمل إلا في المباح ونظيره قوله تعالى (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ) وقوله تعالى (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ ... الآية) "ولا يقال" إن نفي الجناح يستعمل في الواجب كما في قوله تعالى (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) "لأن الآية" نزلت لما كره المسلمون السعي بين الصفا والمروة لطواف أهل الجاهلية بهما وعليهما صنمان يمسحونهما ففهموا أن السعي بينهما ممنوع لذلك فنزل قوله تعالى "فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ" الآية فنفي الجناح مستعمل فيها لرفع الإثم والحرج، والوجوب مستفاد من دليل آخر وهو قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>