للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترغيب في تنظيف المساجد مما يحصل فيها من القمامات القليلة فإنها تكتب في أجورهم وتعرض على نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم وإذا كتب هذا القليل وعرض فليكتب الكبير ويعرض بالأولى ففيه تنبيه بالأدنى على الأعلى اهـ وعدّ إخراج القذاة التي لا يؤبه لها من الأجور تعظيما لبيت الله عزّ وجلّ وكأن مخرج القذاة من المسجد عدّ الحقير عظيما بالنسبة إلى الله العظيم

(قوله فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية الخ) أى من ذنب نسيان سورة من القرآن أو آية منه. والسورة الطائفة من القرآن المعبر عنها بسورة كذا التى أقلها ثلاث آيات. وواوها إما أن تكون أصلية أو منقلبة عن همزة فإن كان الأول فيكون منقولا من سور المدينة لأنها طائفة من القرآن محدودة على انفرادها أو لأنها محتوية على فنون من العلم وأجناس من الفوائد كاحتواء سور المدينة على ما فيها. وإن كان الثاني فلأنها قطعة وطائفة من القرآن كالسؤر الذى هو البقية من الشئ والفضلة. والآية في الأصل العلامة والمراد بها هنا طائفة من القرآن أقلها ستة أحرف وأصلها أوية بالتحريك قلبت الواو ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها فصارت آية والنسبة إليها أووى وجمعها آى وآيات

(قوله ثم نسيها) أى بعد ما حفظها لأن مدار الشريعة على القرآن فنسيانها كالسعى في الإخلال بها "ولا يقال" إن النسيان لا يؤاخذ العبد عليه "لأن المراد" ترك القرآن عمدا إلى أن أفضى هذا الترك إلى النسيان. وعدّ هذا من أعظم الذنوب تعظيما لكلام الله تعالى وكأن التارك جعل هذا العظيم حقيرا فأزاله الله تعالى عن قلبه جزاء له جزاء وفاقا "ولا يقال" كيف يكون هذا من أعظم الذنوب وقد ورد في الصحيح أىّ الذنب أعظم عند الله تعالى قال أن تجعل لله ندّا وهو خلقك ثم ذكر قل الولد مخافة الفقر ثم الزنا بحليلة الجار "لأن التفضيل" بالنسبة إلى ما تحته من الذنوب لا مطلقا إذ هناك ما هو أعظم منه كالكفر (وقال) في المرقاة التفضيل فيه بالنسبة للذنوب الصغائر لأن نسيان القرآن بعد الحفظ ليس بذنب كبير إن لم يكن من استخفافه وقلة تعظيمه للقرآن وإنما قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هذا التشديد العظيم تحريضا منه على مراعاة حفظ القرآن اهـ (ويحتمل) أن المراد بنسيانها الإعراض عنها وعدم الإيمان بها كما قال جمهور المفسرين في قوله تعالى "كذلك أتتك آياتنا فنسيتها" وعلى هذا فلا إشكال في الحديث ولا يصح الاستدلال بهذه الآية على أن من حفظ القرآن ثم نسيه يحشر يوم القيامة أعمى لأن هذا اختلف فيه العلماء (فذهب) مالك إلى أن حفظ الزائد عما تصح به الصلاة من القرآن مستحب أكيدا ابتداء ودواما فنسيانه مكروه (وذهب) الشافعى إلى أن نسيان كل حرف منه كبيرة تكفر بالتوبة والرجوع إلى حفظه (وظاهر) مذهب الحنابلة أن نسيانه من الكبائر (وقالت) الحنفية نسيانه كله أو بعضه ولو آية كبيرة وإنما قال أوتيها دون حفظها إشعارا بأنها كانت نعمة جسيمة أولاه الله تعالى إياها ليشكرها فلما نسيها كان قد كفر تلك النعمة فبالنظر إلى هذا المعنى

<<  <  ج: ص:  >  >>