للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصم عاشوراء إلا فى أول السنة الثانية (وظاهر الحديث) يدل على أن صيام يوم عاشوراء كان واجبا ثم نسخ بفرض رمضان. وبه قال أبو حنيفة وجماعة من أصحاب الشافعى. وقال آخرون منهم: إنه سنة من حين شرع ولم يكن واجبا قط على هذه الأمة، لكنه كان مؤكدا. فلما فرض رمضان صار مستحبا. والقول الأول هو الأقوى لما رواه البخارى ومسلم والبيهقى عن سلمة بن الأكوع أنّ النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعث رجلا ينادى فى الناس يوم عاشوراء "أن من أكل فليتم أو فليصم, ومن لم يأكل فلا يأكل" وما رواه أحمد وابن أبى خيثمة من طريق عبد الله بن أبى بكر عن حبيب بن هند بن أسماء الأسلمى عن أبيه قال: بعثنى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إلى قومى من أسلم فقال: مر قومك أن يصومواهذا اليوم يوم عاشوراء، فمن وجدته منهم قد أكل فى أول يومه فليصم آخره. وفى رواية له عن أسماء بن حارثة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعثه فقال: مر قومك بصيام هذا اليوم "يعنى يوم عاشوراء" قال أرايت إن وجدتهم قد طعموا؟ قال فليتموا آخر يومهم وما رواه مسلم عن جابر قال: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يأمرنا بصيام عاشوراء ويحثنا عليه ويتعاهدنا عنده. فلما فرض رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا ولم يتعاهدنا عنده وروى الشيخان والبيهقى عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: أرسل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صبيحة عاشوراء إلى قرى الأنصار التى حول المدينة. من كان أصبح صائما فليتم صومه, ومن كان أصبح مفطرا فليصم بقية يومه. قالت فكنا نصومه بعد ذلك ونصوم صبياننا الصغار ونجعل لهم اللعبة من العهن ونذهب بهم إلى المسجد، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك حتى يكون الإفطار "أما" ما رواه البخارى عن معاوية بن أبى سفيان قال: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول: هذا يوم عاشوراء لم يكتب الله عليكم صيامه وأنا صائم فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر "فالمراد" لم يكتبه عليكم على الدوام كصيام رمضان. ويؤيده أن معاوية إنما صحب النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من سنة الفتح, والذين شهدوا أمره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بصيام عاشوراء والنداء بذلك شهدوه فى العام الثانى "وما" رواه مسلم عن ابن عمر أنّ النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: يوم عاشوراء يوم كان يصومه أهل الجاهلية, فمن أحب منكم أن يصومه فليصمه, ومن كرهه فليدعه "فليس" نصا على أن ذلك كان قبل فرض رمضان لاحتمال أن يكون بعد فرض رمضان وهو الأقرب جمعا بين الأدلة, فلا يصلح للاحتجاج به على دعواهم "وبهذا تعلم أن قول" من قال إن المتروك تأكد استحبابه والباقى مطلق استحبابه "ضعيف" لأن تأكد استحبابه باق ولا سيما مع استمرار الاهتمام به حتى فى عام وفاته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حيث يقول: لئن بقيت

<<  <  ج: ص:  >  >>