(قوله كان الناس مهان أنفسهم) بضم الميم وتشديد الهاء جمع ماهن ككتاب جمع كاتب "وقال" الحافظ أبو موسى مهان بكسر الميم والتخفيف جمع ماهن كقيام وصيام جمع قائم وصائم. وفي رواية البخارى مهنة أنفسهم جمع ماهن أيضا ككتبة جمع كاتب والماهن الخادم أى كانوا يخدمون أنفسهم ويعملون أعمالهم بأنفسهم إذ لم يكن لهم من يخدمهم في ذلك الوقت والإنسان إذا باشر العمل الشاقّ حمى بدنه وعرق ولا سيما في البلاد الحارّة فربما تكون منه الرائحة الكريهة فأمروا بالاغتسال تنظيفا للبدن وقطعا للرائحة
(قوله فيروحون بهيئتهم) أى يذهبون إلى صلاة الجمعة بحالتهم التي هم عليها من العرق ووسخ أجسادهم فكانت تظهر لهم رائحة كريهة
(قوله فقيل لهم لو اغتسلم) لو للتمنى فلا تحتاج إلى جواب أو للشرط فيكون الجواب محذوفا تقديره لكان حسنا. والقائل لهم هو النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ففى رواية البخارى فقال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا وهو يدلّ على عدم وجوب غسل الجمعة لأنهم لم يؤمروا بالاغتسال إلا لأجل تلك الروايح الكريهة فإذا زالت زال الوجوب. والأحاديث الواردة في الأمر بالغسل محمولة على الندب جمعا بين الأحاديث
(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن وقت الجمعة بعد الزوال وهو وقت الظهر لقوله في الحديث فيروحون والرواح من بعد الزوال كما قاله أكثر أهل اللغة، وعلى أن حكمة الاغتسال يوم الجمعة إزالة الرائحة الكريهة حتى لا تتأذى الناس والملائكة
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى بلفظ كان الناس مهنة أنفسهم وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم فقال لهم لو اغتسلتم. وأخرجه مسلم بلفظ كان الناس أهل عمل ولم يكن لهم كفاءة فكانوا يكون لهم تفل "بفتحتين أى رائحة كريهة" فقيل لهم لو اغتسلتم. وأخرجه الطحاوى بلفظ كان الناس عمال أنفسهم الخ وقال فهذه عائشة تخبر بأن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إنما ندبهم إلى الغسل للعلة التي أخبر بها ابن عباس "أى في الحديث الآتى" وأنه لم يجعل ذلك عليهم حتما وهى ممن روينا عنها أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يأمر بالغسل