للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه أنه يفعل الشيء ولم يفعله "أنه يظهر" له من نشاطه ومتقدم عادته القدرة عليهن فإذا دنا منهن اخذته أخذة السحر فلم يأتهن ولم يتمكن كما يعتري المسحور "وكل" ما جاء في الروايات من أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يخيل إليه فعل الشيء ولم يفعله "محمول" على التخيل بالبصر لا لخلل تطرق إلى العقل. وليس في ذلك ما يدخل لبسًا على الرسالة ولا طعنًا لأهل الضلالة. وكانت مدة سحره صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أربعين يومًا, وقيل سته أشهر وقيل عامًا وهو المعتمد. "وقول القاضي عياض" قد جاءت روايات عائشه مبينة أن السحر إنما تسلط الخ "يشير به" إلى قول عائشه رضي الله عنها في حديث البخاري المتقدم دعا الله ثم دعا، وإلى قول النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "أشعرت يا عائشه أن الله تعالى قد أفتاني فيما استفيته فيه" وإلى قول أحد الملكين للآخر في الحديث ما وجع الرجل قال مطبوب "فان دعاءه" صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقوله لعائشة أشعرت الخ وإخباره بما حصل من الملكين "دليل واضح" على أن السحر ما تسرب إلى قلبه وعقله بل كان متعلقًا بظاهر جسده فحسب

(وقال في روح المعاني) قال الإمام المأزري قد أنكر ذلك الحديث المبتدعه من حيث أنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها وإن تجويزه يمنع الثقه بالشرع "واجيب" بأن الحديث غير معارض للنص المسوق تشنيعًا على الكفار في وصفهم النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأنه مسحور وهو قوله تعالى (وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا) ولا يلزم على حديث عائشه حط منصب النبوة والتشكيك فيها لأن الكفار أرادوا بقولهم مسحورًا أنه مجنون, وحاشاه ولو سلم إراده ظاهره من أنه مسحور حقيقة لا مجنون فمقالتهم هذه كانت قبل هذه القصه أو مرادهم أن السحر أثر فيه وأن ما يأتيه من الوحي كان من تخليلات السحر (وهو كذب أيضًا) لأن الله تعالى عصمه فيما يتعلق بالرساله "وأما ما يتعلق" ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لاجلها وهي مما يعرض للبشر "فغير بعيد" أنه يخيل إليه من ذلك مالا حقيقة له, وقد قيل أنه إنما كان يخيل إليه أنه وطئ زوجاته وليس بواطئ وقد يتخيل الإنسان مثل هذا في المنام فلا يبعد تخيله في اليقظه وقيل أنه كان يخيل إليه أنه فعله وما فعله ولكن لا يعتقد صحه ما تخيله فتكون اعتقاداته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على السداد "إلى أن قال" وبعضهم أنكر أصل السحر ونفى حقيقته وأضاف ما يقع منه إلى خيالات باطله لا حقائق لها

(ومذهب أهل السنة) وعلماء الأمة على إثباته وأن له حقيقة كحقيقه غيره من الأشياء لدلالة الكتاب والسنة على ذلك ببعض تصرف

(وقال في الهدى) قد أنكر سحر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم طائفة من الناس وقالوا لا يجوز هذا عليه وظنوه نقصًا وعيبًا وليس الأمر كما زعموا بل هو من جنس ما كان يعتريه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من الأسقام والأوجاع , وهو مرض من الأمراض وإصابته به

<<  <  ج: ص:  >  >>