للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسلم تأليفًا لكم، فأما اليوم فقد أعزّ الله تعالى الإِسلام وأغنى عنكم. فإن ثبتم على الإِسلام وإلا فبيننا وبينكم السيف. فرجعوا إلى أبي بكر فقالوا: أنت الخليفة أم عمر؟ بذلت لنا الخط ومزقه عمر فقال رضي الله تعالى عنه هو إن شاء. ووافقه ولم ينكر عليه أحد من الصحابة رضي الله تعالى عنهم اهـ

وسند الإجماع قوله تعالى (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) وروى ذلك عن الشعبي. وكانت المؤلفة صنفين صنف كفار كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يعطيهم ترغيبًا لهم ولقومهم في الإِسلام. وصنف أسلموا علي ضعف كان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يتألفهم ليثبتوا على الإِسلام.

والجمهور على بقاء سهم المؤلفة قلوبهم وإعطائهم عند الحاجة لا فرق بين مسلم وكافر، غير أن الشافعية قالوا لا يعطى من الزكاة كافر. واختلفت المالكية في المؤلف الكافر فقيل تدفع إليه ترغيبًا له في الإِسلام لإنقاذه من النار لا لإعانته للمسلمين فلا يسقط حقه بفشو الإِسلام. وقيل لا يعطى بناء علي أن العلة في إعطائه إعانته للمسلمين وقد استغنى عنه بعزة الإِسلام.

أما المؤلف المسلم فلا خلاف في إعطائة عندهم. وأجاب الجمهور عن عدم إعطاء الخلفاء الراشدين المؤلفة قلوبهم من الزكاة بأن هذا لقوة الإِسلام حينئذ وعدم الحاجة إليهم لا لسقوط سهمهم

(قوله فإن كنت من تلك الأجزاء الخ) أي الأصناف المذكورة في الآية السابقه أعطيتك نصيبك منها. قيل في هذا دليل على أنه لا بد من صرف الزكاة للأصناف الثمانية لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أعطيتك حقك. وإلى هذا ذهب عكرمة عمر بن عبد العزيز والزهري وداود وهو قول للشافعى. وقال إبراهيم النخعي إذا كان مال الزكاة كثيرًا عممت الأصناف لزومًا. وإن كان قليلًا جاز أن يوضع في صنف واحد.

وقال مالك يقدم الأحوج فالأحوج ولا يلزم التعميم. وقال أبو ثور إن قسمه الإمام لزم تعميم الأصناف وإن قسمه رب المال جاز صرفه في صنف واحد: والمعتمد عند الشافعية لزوم التعميم إن قسم الإِمام وكذا إن قسم المالك وكانوا محصورين. وذهب أبو حنيفة وأصحابه وأحمد والنخعي وعطاء والثوري وأبو عبيد إلى استحباب تعميم الأصناف إن أمكن، وجواز صرفها إلى بعض ولو شخصًا واحدًا وهو قول عمر وعلي وابن عباس ومعاذ وحذيفة وكثيرين من الصحابة. ومن التابعين سعيد بن جيير والحسن والضحاك.

واستدلوا بما روى الطبري في التفسير عن ابن عباس في قوله تعالى (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ) الآية أنه قال: في أي صنف وضعته أجزأك: وروى نحوه ابن أبي شيبة عن عمر وحذيفة وسعيد في جبير وعطاء بن أبي رباح وأبي العالية وميمون بن مهران.

والظاهر ما ذهب إليه أبو حنيفة ومالك ومن وافقهما لما رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أتاه مال فجعله في صنف المؤلفة قلوبهم: الأقرع بن حابس، وعيينة ابن حصن، وعلقمة بن علاثة، وزيد الخيل. قسم فيهم الذهيبة التي بعث بها معاذ من اليمن. وإنما تؤخذ

<<  <  ج: ص:  >  >>